الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ يٰشُعَيْبُ أَصَلَٰوتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ ءابَاؤُنَآ أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِيۤ أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لأَنتَ ٱلْحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ }

{ قالُوا } استهزاءً به وبصلاته حين دعاهم للتوحيد، وكان كثير الصلاة { يَا شُعيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤْنَا } من الأَصنام، والاستفهام إِنكار للياقة النهى عن عبادة الأَصنام وتوبيخ عن النهى عن عبادتها، وإٍنكار لأَن يكون العقل ناهيا عن عبادة الأَصنام حتى أَنه إِذا كان النهى عنها فما صدر إِلا عن مناسبة جنس ما ابتدعت من الصلاة ونحوها وأَنها كفعل المجانين، إِلا أَنه لما كانت صلاته كثيرة جمعوها - فى قراءَة صلواتك - واقتصروا عليها ولم يذكروا غيرها من ديانته، وكانت ضحكة لهم، وعن ابن عباس اقتصروا عليها لأَنه يقول لهم الصلاة تَأْمر بالمعروف وتنهى عن الفحشاء والمنكر، وعن الحسن ما بعث الله نبيا إلا فرض عليه الصلاة والزكاة، وفسر الأَعمش الصلاة بالقراءَة، وفسرها بعض بالدعاءِ، وهو أصل معناها فى اللغة، وبعض بالدين ولا جمع كثرة لها، فالمراد بجمع القلة وهو جمع المؤنث السالم معنى الكثرة، قال الأَحنف بن قيس رحمه الله؛ كان أَكثر الأَنبياءِ صلاة وكانوا إِذا رأَوه يصلى يتغامزون ويتضاحكون، والترك فعل الكفار والرجل لا يؤمر بفعل غيره، فشعيب لا يؤمر أَن يتركوا عبادة الأصنام، فيقدر مضاف أَى تأْمرك بتكليفك إِيانا أَن نترك، أَو يقدر تأْمرك بأْن تأْمرك بأَن نترك، وكأَنه قالوا: أَوسواس صلواتك تأْمرك أَى ما تولد من الوساويس منها، أَو قيل لا حذف والمعنى أَصلواتك تأْمرك بما ليس فى وسعك من فعل غيرك، قالوا ذلك تعريضا بركة الرأْى حاشاه، ودخول الهمزة على صلواتك لا يأْباه، لأَن المعنى أَصلواتك التى اعتنيت بها تأْمرك بما لا يتصور ويزرى بك، والمضارع للتجدد بتجدد الصلوات، وقيل المراد بالصلوات الدين لأَنها من أَعظم شعائر الدين { أَو أَنْ نَفْعَلَ فِى أَمْوالِنَا ما نَشَاءُ } من التطفيف والبخس وقطع الدنانير والدراهم عما اعتيدت على أَنهم فعلوا ونهاهم عنه، والقطع بالمقراض ونحوه أَو النقص فى الغالب وأَو للتنويع والعطف على ما فيدخل فى حيز الترك كأَنه قيل: وأَن نترك فعل ما نشاءُ فى أموالنا، ولو عطف على أَن نترك لكان المعنى تأْمرك أَن نفعل فى أموالنا ما نشاءُ وهو فاسد لأَنه لا يأْمرهم أَن يفعلوا فى أَموالهم ما يشاءُون مما لا يجوز، أَى لا يليق أَن تنهانا عن واحد من عبادة الأَصنام وفعل ما نشاءُ فى أَموالنا فكيف تنهانا عنهما جميعا فهى لمنع الخلو، أَو بمعنى الواو { إِنَّكَ لأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ } فى سائرِ أحوالك فاستحضر عقلك تجد نهيك لنا عن ذلك غير لائِق وسامحنا فيما نفعل من عبادة الأصنام وفعل ما نشاءُ فى أَموالنا ولا يشق عليك لأَنك صبور وإِنك لأَنت الحليم الرشيد فى زعمك، أَو قالوا ذلك استهزاءً وسخرية، أَو استعملوا ذلك فى ضده كما روى عن ابن عباس أَنهم أَرادوا السفيه الغاوى استعمالا للشىءِ فى ضده كقولهم للديغ سليم تفاؤلا بالسلامة، وقولهم للفلاة مفازة تفاؤلا بالفوز بالنجاة وكتسميتهم الذهاب بالرجوع إذا سموا المسافرين مع دوابهم قافلة، وإِنما هم قافلة إِذا رجعوا.