الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ }

{ فَعَقَرُوهَا } عقرها منهم قدار بضم القاف فمنهم آمر ومنهم راض ومنهم غير ناه، فكلهم عقروها. ضربها فى رجلها فوقعت على الأَرض، فذلك عقرها فذبحوها وقسموا لحمها { فَقَالَ } صالح { تَمَتَّعُوا } عيشوا، وفى الآية أَن الحياة مطلقا تمتع ولو تكدرت بنحو خوف فإِنهم إِذا رأَوا أَمارة العذاب تنغصت عيشتهم، وأَيضا قد علموا منه الصدق فى أُموره عليه السلام، أَو التمتع بمعنى التلذذ تهكم عليكم أَو تلذذوا بما شئْتم { فِى دَارِكُمْ } فى بلدكم، ويسمى البلد دارا لأَنه يتصرف فيه، ويقال لبلادهم ديار بكر أَو أُريد دار كل أُحد، كل يتمتع فى داره { ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ } ثم تهلكون الأَربعاءَ والخميس والجمعة، فجاءَهم العذاب آخر يوم الجمعة أَو ليلة السبت، وقيل صبيحة السبت، قالوا: وما العلامة؟ قال: تصفر وجوهكم فى الأَربعاءِ وتحمر فى الخميس وتسود فى الجمعة. ولما رأَوا العلامة قصدوه بالقتل فهرب إلى أَخواله فى الصحراءِ، وليسوا فى طغيان عاد ولم يقدروا عليه، والفصيل رغا ثلاثا عدد الأَيام الثلاثة لما رأَى قتل أُمه، فقيل قصدوا قتله أَيضا فهرب فدخل تلك الصخرة، وقيل طلع الجبل فقال صالح: إِن أدركتموه تائِبين فلعلكم تنجون فأَوحى الله إِلى الجبل أَن تطاول فتطاول حتى لا تدرك قمته وفيها الفصيل، وقيل قتلوه بعد أُمه { ذَلِكَ وَعْدٌ } ذلك العذاب وعد أَى موعود أَو ذلك الإِخبار المعلوم من المقام { غَيْرُ مَكْذُوبٍ } أَى غير مكذوب فيه، فذلك من باب الحذف والإِيصال، وذلك أَن نفس الوعد لا يتصف بالصدق أَو الكذب حقيقة إِنما يتصف بهما المتكلم، أَو شبه الوعد بالمخاطب، ورمز إِلى التشبيه باللازم وهو غير مكذوب تخييلا وكأَنه قال له واعدا فى بك فإِن وفى به صدقه بتخفيف الدال فهو مصدوق غير مكذوب وإِلا كذبه بتخفيف الدال فهو مكذوب، وذلك كقوله تعالى { صدقنا وعده } [الزمر: 74]، وقيل مكذوب بمعنى باطل ومتخلف على المجاز الإِرسالى، أَو هو مصدر بوزن مفعول كالمفتون إِذا قيل بمعنى الفتنة، وكالمجلود والمعقول بمعنى الجلد والعقل والمنشور والمغبون بمعنى النشر والغبن.