الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }

{ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِى الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا } أَكلها وشربها وكل ما تنتفع به فضل منه لا واجب عليه، وأَما على فلتحقيق وصولها إِلى رزقها كأَنه واجب، ويجوز جعل على بمعنى من والمراد بالأَرض ما تحت السماءِ فشمل الطير وما فى بحور الجو، وهذه البحور والطائِر يدب إِذا نزل من طيرانه وسبح الحوت دبيبها وما حبس عن المشى، روى أَن موسى عليه السلام لما نزل عليه الوحى تعلق قلبه بأَحوال أَهله فأَمره الله عز وجل أَن يضرب صخرة بعصاه فضربها فانشقت عن صخرة فضربها فانشقت عن صخرة فضربها فانشقت عن دودة فى فيها ورقة وهى فى أَسفل البحر فسمعها تقول سبحان من يرانى ويسمع كلامى ويعرف مكانى ويذكرنى ولا ينسانى، والمراد الدابة التى لها رزق فهو على الله ومنه فلا تشكل دابة ماتت قبل أَن تأْكل أَو تشرب مثلا، فإِن هذه لا رزق لها، وكذا التى احتاجت ومنعت لأَنها انقضى رزقها، وفى على استعارة تبعية لتحقيق وصول الرزق ووجه الشبه عدم التخلف ففى كل من الواجب والموعود به الحصول لا عدمه، وفى ذلك إِغراءٌ بالتوكل فلا يبقى إِلا الإِجمال فى الطلب كما فى الحديث، وفى الأَرض نعت لدابة أَولى من أَن تعلق به تعلقاً مراعى فيه معنى حدثه، لأَن المتبادر تغلب الأسمية فيه. { وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا } موضع استقرارها فى الدنيا { وَمُسْتَوْدَعَهَا } موضع استيداعها بعد الموت كالقبر، أَو موضع استقرارها فى الصلب وموضع استيداعها فى الرحم أَو موضع استقرارها فى الأَرض وموضع استيداعها قبل وجودها كالمنى والعلقة وما تولدت منه من طعام وشراب ونبات وغير ذلك، وعن ابن عباس: مستقرها حيث تأْوى ومستودعها حيث تموت، فقيل هذا إِشارة إِلى آخر التكفل، وإِلا فلا رزق بعد الموت، وعن ابن مسعود: مستقرها الأَرحام ومستودعها حيث تموت بمعنى أَنه تعالى يعلم مكانها آخر ما تحتاج للزرق ويسوقه، ويجوز أَن يكونا مصدرين بمعنى يعلم استقرارها واستيداعها، أَو زمانين أَى وقت استقرارها ووقت استيداعها ويجوز فى مستودعها أَن يكون اسم مفعول أَى ما تودع فيه من المواد كالمنى والمقار كالصلب والرحم والتفسير الأَول أَولى لتبادره ولعمومه ما لا نطفة فيه ولا صلب ولا رحم، وقد قيل المراد الإِنسان على طريق الاستخدام لمناسبة قوله تعالى فيه فمستقر ومستودع { كُلٌّ } ما ذكر من الدواب ومستقرها ومستودعها ورزقها وكذا جميع أَحوالها أَو كل شىءٍ { فِى كِتَابٍ مُّبِينٍ } اللوح المحفوظ المبين لكل شىءٍ مما ينتهى وهذا تتميم لما قبل كما يقر أُحد بما عليه ويزيد بأَنه قد كتب على نفسه فيه كتاباً يحفظه له ولا ينساه وهذا بيان لكونه عز وجل عالما بالمعلومات كلها، وأَما بيان كأَنه قادر على الممكنات بأَسرها ففى قوله عز وجل.