الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِن نَّقُولُ إِلاَّ ٱعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوۤءٍ قَالَ إِنِّيۤ أُشْهِدُ ٱللَّهَ وَٱشْهَدُوۤاْ أَنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } * { مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ } * { إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }

{ إِن نَّقُولُ } ما نقول لك أَو فى شأْنك بأَلسنتنا المطابقة لقلوبنا أَو ما نعتقد { إِلاَّ اعْتَرَاكَ } تعرض لك أَو أَصابك { بَعْضُ آلِهَتِنَا } لعدم صبر هذا البعض، أَو ناب عن باقيها أَو أَراد أَى بعض كان فإِنه قادر أَن يعتريك { بِسُوءٍ } هو جنون أَو فساد الرأْى، فصرت تتكلم جنونا بما تدعيه وحيا لسبك إِياها وإِعراضك عنها ومنعك غيرك عنها. وعبروا باللفظ العام وهو السوء تلويحاً بأَنه جزاءُ فعل السوء. ويحتمل أَنهم أَرادوا مطلق السوء فيعم. إِلى أَن أَمثالهم يذكرون الجنون فناسب أَن يفسر به. ومجموع اعتراض بعض آلهتنا بسوءٍ اسم محكى بالقول، ومن العجيب تقدير قول ناصب لهذا المجموع، أَى قولنا اعتراك مع أَن هذا القول أَيضاً ناصب لمجموع هذه الأَلفاظ مراداً بها حكايتها، وهو اسم محكى فقد صير إِلى جعل المجموع اسماً بالحكاية فلتجعل كذلك بلا تقدير قول، وحاصله على كل حال أَن ما تقول لا يقوله إِلا مجنون فأَجابهم بما ذكر الله عنه فى قوله { قَالَ إِنِّى أُشْهِدُ اللهَ } على نفسى أَنى برىءٌ مما تشركون ولا شهادة أَعظم من إِشهاد الله الذى لا يكذبه مكذب ولا ينسى ولا يختلط عليه الأَمر { وَاشْهَدُوا أَنِّى بَرِىءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِهِ } تنازعه أَشهد واشهدوا والأَصل أَشهد الله بها أَى ببراءَتى مما تشركون، واشهدوا أَنى برىءٌ مما تشركون أَى من إِشراككم أَو مما تشركونها أَو تشركونهم، وهم ينزلون الأَصنام منزلة العقلاءِ، والعطف على مدخول قال، لا على خبر أَن كأَنه قيل وقال اشهدوا أَنى برىءٌ إِلخ، ولو عطف على خبر أَن لم يجز لأَن " أَن " تؤكَد النسبة الخارجية ولا خارج للطلب بخلاف أُشهد الله فإِنه ولو جعلناه إِنشاءً لكنه من الإِنشاءِ الذى له خارج حالى مؤَكد، ولا تقدر أُشهد الله به برد الضمير إِلى قوله إِنى برىءٌ إِلخ. بقصد اللفظ لأَن المراد هنا المعنى، فإِن أُريد المعنى جاز، كما يقال أَعجبنى أَن تقيم ولا تقوله بالتاءِ مع أَن المراد الإِقامة، أَو قدر مصدر مذكر ولم يقل وأَشهدكم كالأَول لأَن العدو لا يستشهده أَحد فى مصالحه لأَنه لا يفى بالشهادة أَو ينكرها أَو لا يقبلها وإِنما المراد بشهادتكم عدم المبالاة بهم وإِشهاد الله تحقيق للأَمر وتأْكيد، فإِن إِشهاده كالقسم وهو متعارف، لا كما قيل أَنه غير متعارف، وليس فى الآية عطف الإِنشاءِ على الخبر، ولو قلنا، أَشهد الله غير إِنشاءِ لأَن الجمل المحكية مفردات ولا إِنشاءَ فى الحكاية بل الإِنشاءُ قبلها، وكأَنه قيل: قال هذه الأَلفاظ فلا حاجة إِلى تقدير وأَقول اشهدوا { فَكِيدُونِى } كلكم وشركاؤكم { جَمِيعاً } احتالوا فى إِهلاكى { ثُمَّ لاَ تُنْظِرُونِ } لا تمهلونى بالضر، بل اعجلوا به.

السابقالتالي
2