الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَصْنَعُ ٱلْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ }

{ وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ } عطف على محذوف مستأْنف أَى يتهيأْ للصنع بعد أَمرنا له به ويصنع وهو لحكاية الحال الماضية كأَنها حاضرة يشاهدها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وغيره، أَو بمعنى الماضى أَو المضارع بمعنى الماضى، اشتغل بعمل السفينة وكف عن دعاءِ قومه بأَمر الله له عن الكف، يغرس الشجر ويغرس الخشب ويجففه ويهيىءُ القار، وفى رواية أَنه تعالى أَنبع له عين قار، وكل ما تحتاج إِليه السفينة من المسامير وآلات العمل، أَمره الله أَن يعملها من الساج بغرسه ولم يقطعه حتى طال أَربعمائَة ذراع، والذراع إِلى المنكب فى أَربعين سنة، قيل فى التوراة من الصنوبر ويقال بقى مائَة سنة يغرس ويقطع وييبس، ويقال عمل معه فى صنعها سام وحام ويافث بالمنحت وإِجراء على النحت، وأَمره الله عز وجل أَن يطليها بالقار خارجاً وداخلا ويجعل طولها ثمانين ذراعا وعرضها خمسين وإِلى السماء ثلاثين بذراع أَهل ذلك الزمان مقدار قامتنا بعدهم إِلى المنكب أَو طولها ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسون، وإِلى السماءِ ثلاثون، أَو طولها أَلف ذراع ومائَتا ذراع وعرضها سبعمائَة ذراع، وروى ستمائَة وجعلها ثلاثة بطون وفيها كوى وبابها من عرضها، وفى البطن الأَول الوحوش والسباع والهوام وفى الأَوسط الدواب والأَنعام وفى الأَعلى الناس وما يحتاجون إِليه من طعام وغيره، وقيل الطبقة الأُولى للناس والعليا للطير، وكثر روث الدواب فأَوحى الله عز وجل إِليه أَن اغمز ذنب الفيل فوقع منه خنزير وخنزيرة ومسح على الخنزير فخرج الفأْر فأْقبلت تأْكل وأَفسدت الفأَرة وأَقبلت تأْكل الحبال فأْوحى الله عز وجل إِليه أَن اضرب بين عينى الأَسد فخرج من منخره سنور وسنورة وبين الأَسد والسنور شبه وكذا بين الفيل والخنزير فأَقبل السنور والسنورة على الفأْر، وهذا على أَن فى السفينة نوح حبالا، وكأَنها تجرى بالقلوع والريح وعلى أَنها مفتوحة إِلى السماءِ، وقيل تجرى بين ماءِ السماءِ وماءِ الأَرض وأَن الخنزير والفأْر والسنور غير موجودة، والأَكثرون على خلاف ذلك، ولعلها وجدت ولم يحملها لأَمر الله أَو لعدم إِتيانها بأَمره تعالى، وروى أَنه قال عليه السلام يا رب كيف يجتمع الهر والحمام والأَسد والبقرة والعناق والذئْب؟ فقال الله عز وجل: أَنا أَلقيت بينهن العداوة وأَنا أُلقى بينهن الصلح. فقال يا ربى الأَسد والفيل فأَلقى عليهما الحمى فلا يضران، وأَمكنه حملها، ويقال: قال الحواريون لعيسى ابن مريم عليه السلام: لو بعثت لنا رجلا يصف السفينة لنا فانطلق بهم إِلى كثيب فأَخذ كفا، فقال أَتدرون من هذا؟ فقالوا: الله ورسوله أَعلم. قال: هذا كعب بن حام فضرب بعصاه فقال قم بإِذن الله، فإِذا هو حى ينفض التراب عن رأْسه وقد شاب.

السابقالتالي
2