الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أُولَـٰئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ ٱلْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ ٱلسَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ }

{ أُولئِكَ لم يَكُونُوا مُعْجِزِينَ } الله { فِى الأَرْضِ } أَن يعاقبهم فى الدنيا ولكن أَخر عذابهم إِلى الآخرة فإِنه لا قوة لهم ولا مهرب عن أَرضه لسعتها، ولو هربوا لم يجدوا غيرها، ولو وجدوا فكل ملك لله، ويجمع ذلك كله أَن تجعل الأَرض عبارة عن الدنيا التى بمعنى الحياة { وَمَا كَانَ لَهُمْ مِّنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ } يمنعونهم من العذاب فى الدنيا أَو من العذاب الموعود لهم فى الآخرة، أَو أُريد بالأَولياءِ آلهتهم التى يدعونها أَولياءَ، وعلى كل حال تكون الآية لسقوط آلهتهم عن رتبة الولاية إِلا أَن ذلك على التفسير الثانى أَظهر { يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ } لمضاعفة كفرهم فى نفسه، ولأَنهم ضلوا وأَضلوا ولأَنهم لا يشتغلون بسماع الحق أَخر عذابهم ليكون مع شدته دائِما وهذه المضاعفة هى نفس المماثلة فى قوله تعالى فلا يجزى إِلا مثلها فلا منافاة، وقيل المضاعفة لكراهتهم الحق أَشد الكراهة وافترائهم وكذبهم على ربهم وصدهم عن سبيل الله وبغيهم إِياها العوج وكفرهم بالآخرة وزعم بعض أَن المضاعفة لحفظ الأَصل الذى هو ما دون المضاعفة إِذ لولا ذلك لم يبق عذاب لأَنهم يأْلفونه لطول الأَبد، وهذا خطأْ لأَن العذاب الشديد لا يؤلف، وإِنما يؤلف ما وضع من أَول الأَمر على الإِطاقة، وأَيضاً الله قادر أَن يبقيهم على التأَلم الأَول، لكن جاءَ فى الأَثر أَن عذاب أَهل النار ونعيم أَهل الجنة لا يزالان يزدادان { مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ } للحق { وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ } يعقلون لإِعراضهم هم فى الحق كمن هو أَصم وأَعمى، وكأَنه استحال سمعهم وإِبصارهم، أَو الضمائر للآلهة، وكانت بصيغة ضمائر العقلاءِ مجاراة للكفار فى نسبة ما للعاقل إِليها حتى اتخذوها آلهة، كما أَن مستحق الأَلوهية عالم. وهذا ضعيف لأَن السوق لذل الكفرة وبيان استحقاق مضاعفة العذاب وللزوم تفكيك الضمائِر بعضها للكفرة وبعضها للآلهة وعدم استطاعة حقيقة فى الآلهة مجاز فى الكفرة، فإِنهم مستطيعون استطاعة غير مؤثرة والله جل وعلا خلق فى العبد قدرة واختيارا، وزعم أَكثر المعتزلة أَن أَفعال العباد واقعة بقدرة العبد وحدها استقلالا وأَقلهم أَنها بقدرة العبد وقدرة الله عز وجل، والمجاز المذكور استعارة مفردة لا تمثيلية، وذلك أَنهم يصعب عليهم السمع حتى كأَنهم لا يطيقونه، وفى التمثيلية هنا تكلف.