الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ ٱلنَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَاماً وَرَحْمَةً أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ }

{ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِى الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ } جزاءَ ما أَصروا عليه من شرك وما دونه من عمل أَو اعتقاد، وقد قال القرطبى عن بعض العلماءِ إِن الآية فى معنى قوله صلى الله عليه وسلم: " إِنما الأَعمال بالنيات " ، فكل عمل لا يعمل إِلا على وجه القربة لا تؤْخذ الأُجرة عليه. والآية دلت على ذلك، وكذا شرط العلم فى النيات، فمن صام رمضان قضاءً آخر، وللكفارة أَو غير ذلك لم يجزه لرمضان ولا لغيره، ومن غسل للتبرد لم يجزه { وَحَبِطَ } بطل { مَا صَنَعُوا } من الحسنات لصلة رحم وصدقة وتوحيد وغير ذلك من الفرض والنفل أَى بطل جزاءُ ما عملوا أَو عملوا اسم لمسببه، أَو بطل نفس عملهم كأَنه لم يعملوه لعدم وجود ثمرة له، وذلك الحبوط فى الآخرة لا فى الدنيا، لأَنهم قد استوفوه فيها { فِيهَا } متعلق بصنعوا والضمير للدنيا أَى بطل فى الآخرة ما صنعوا فى الدنيا، أَو بطل فى الدنيا ما صنعوا فى الدنيا أَو عائِد إِلى الآخرة فيتعلق بحبط لا بصنعوا لأَنه لا عمل فى الآخرة، والمعنى حبط فيها أَى فى الآخرة ما صنعوا فى الدنيا، فحذف فى الدنيا للعلم به وعلى كل حال المراد حبط ما صنعوه أَو حبط صنعهم { وَبَاطِلٌ } معطوف على ليس لهم فى الآخرة إِلا النار عطف مفرد على جملة، وكذا إِن عطف على حبط ما صنعوا { مَا } فاعل لباطل أَو مبتدأٌ خبره باطل، والجملة معطوفة كذلك عطف جملة على أُخرى وعليه قدم باطل للفاصلة { مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } ما يعملونه أَو عملهم، والكلام على المجموع لأَن بعض الأَشقياءِ العاملين لا جزاءَ لهم فى الدنيا ولا فى الآخرة وبعض يثاب فى الدنيا فقط وبعض فى الآخرة فقط، مثل أَن ينقص من عذابه، وبعض يثاب فيهما، وثواب الآخرة للشقى النقص فى الآخرة، روى قومنا أَنه رؤى أَبو لهب فقال يخفف عنى فى كل الاثنين لأَنى سررت بمحمد إِذ ولد يوم الاثنين وأُعتقت ثويبة لما بشرتنى وأَسقى فى مثل نقرة الإِبهام والله أَعلم بصحة ذلك، وكونه خصوصاً من عموم أَن الكافر لا يخفف عنه، وروى مسلم عن أَبى هريرة أَنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " قال الله تعالى: أَنا أَغنى الشركاءِ عن الشرك، من عمل عملا أَشرك فيه معى غيرى تركته وشركه " ، وفيه روايات أُخر، وعن ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من تعلم علماً لغير الله أَو أَراد به غير الله فليتبوأُ مقعده من النار " رواه الترمذى. وعن أَبى هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2 3 4