الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّمَّا يَعْبُدُ هَـٰؤُلاۤءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُم مِّن قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنقُوصٍ }

{ فَلاَ تَكُ } لا تكن يا محمد { فِى مِرْيَةِ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤْلاَءِ } على حذف مضاف أًى من عاقبة عبادة ما يعبد هؤْلاءِ أَو فى عاقبة عبادة ما يعبد هؤُلاءِ، أَو فى ضياع عبادة ما يعبدون أَو من ضياع عبادة إِلخ أَو ما مصدرية، أَى من عبادة هؤُلاءِ أَصنامهم، أَى من عاقبة عبادتهم أَو ضياعها وإِنما جاز أَن تفسر من بفى لتعلقها بمرية لا بما تعلقت به الأُولى { مَا يَعْبُدُونَ } أصنامهم { إِلاَّ كَمَا يعْبُدُ آبَاؤُهُمْ } وما مصدرية أَى إِلا كعبادة آبائِهم { مِنْ قَبْلُ } وقد أُهلكوا إِلى النار لعبادتها، فكذلك نهلك من عبد من قومك الأَصنام إِن لم يبت وقد أُهلكوا يوم بدر إِلى النار، وذلك تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك قرن بالفاءٍ وكأَنه قيل: إِذا علمت ذلك فلا تك إِلخ، فإنا لا نمهلهم ولو أَمهلناهم بعض إِمهال، ومن شأْنه كذلك لا يضيق به صدرك وقد يقدر، فلا تك فى مرية فى شأْن ما يعبدون، فما لهم إِلا تقليد آَبائِهم المهلكين بما قلدوهم فيه، وإِنما عبدوا مثل ما عبد آباؤُهم، ومقتضى الظاهر إِلا كما عبد آباؤُهم إِلا أَنه جىءَ بالمضارع تنزيلا للماضى منزلة الحاضر المشاهد وليدل على التكرير، وكأَنه قيل: إِلا ما كان يعبد آباؤُهم، والاستثناءُ من العبادة، ويجوز من المعبودات أَى لا يعبدون شيئاً إِلا مثل ما يعبد آباؤُهم { وَإِنَّا لَمُوفُوهُمْ نَصِيبَهُمْ } نوفى قومك نصيبهم من العذاب كما وفينا آباءَهم نصيبهم، أَو نوفى قومك نصيب آبائِهم أَى مثل نصيب آبائِهم وذلك تهكم بهم لأَن النصيب تعورف فيما ينتفع به فهو استعارة أو موفوهم نصيبهم من الرزق يعقبهم العذاب بعد فراغه فلا تعجل فما بينهم وبين العذاب إِلا تمام أَجلهم، وعن ابن عباس: من الخير والشر، والوجه الأَول أَشد زجرا لهم وإِضافة نصيب للحقيقة فشملت أَنصباءَ وكأَنه قيل لموفوهم أَنصباءَهم غير منقوصة { غَيْر مَنْقُوصٍ } حال مؤكدة على أَن التوفية إِعطاءُ الشىءٍ وافيا وحملها فى الجملة من سائِر الكلام على احتمال وفاءِ البعض فقط مسامحة أَو ذهول من الخلق يحتاج لدليل فالتوفية عدم النقص، وهم لم يوافوا حق أَبى حيان إِذ ردوا عليه نحو هذا، اللهم إِن اعتبرنا ما يجرى بين الناس من أَن يقال قضى فلان دينه إِذا برأَت ذمته ولو بمسامحة فى بعض أَو اعتبرنا ما يجرى فى كرم الله تعالى من المسامحة فتكون حالا مبينة لدفع احتمال الكمال، وأَما أَن يكون كرمه قرينة لأَن كونه كريما فى الجملة لا يوجب أَن يكون قد سامح فى هذه القصة، وعنه صلى الله عليه وسلم: " السعيد من بطن أُمه والشقى من بطن أُمه " ، ومعناه يظهر سعادته وشقاوته للملك من حين كان فى بطنها حين كان نطفة، وإِلا فسعادته وشقاوته معلومة لله سبحانه وتعالى بلا أَول، وقيل: الأُم الثبوت العلمى الأَزلى، أَى من جهة العلم الأَزلى الذى كان كالخزانة للخارج وفيه عدم أَدب.