الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ }

{ يَوْمَ يَأْتِ } متعلق بتكلم ولا صدر للا النافية غير العاملة عمل أَن أَو مفعول لا ذكر محذوف أَو متعلق بالانقضاءِ المقدر، وعلى الوجهين ينقطع عنه قوله لا تكلم فيكون مستأْنفا بعده، وقد يقدر الضمير أَى لا تكلم فيه نفس فيتصل المعنى، وضمير يأْتى للعذاب أَو لله أَى يأْتى أَمره أَو عذابه ولا يجوز عوده ليوم مجموع لأَن الزمان لا يكون فى الزمان إِلا إِن اعتبر زمان متسع وكأَنا نعتبر ما يلى الدنيا من البرزخ أَو من قرب القيامة جدا مع ما يكون بعد فنجعل اليوم المشهود جزاءً متأَخرا لا انتهاءَ له، واليوم المشهود وقت الحساب ووقت الحساب لا يخلو من عذاب القلوب، وقد صح أَن تقول يوم الجمعة فى شهر كذا والساعة فى يوم كذا وما أشبه ذلك، واليوم بمعنى حين وورد فى القرآن إِتيان الساعة كقوله تعالى:أَن تأْتيهم الساعة } [محمد: 18] وإِتيان الله جل وعلا نحو:هل ينظرون إلا أَن يأْتيهم الله } [البقرة: 210] أَى أَمره ثم إِذا رددنا الضمير لليوم وصح بوجه آخر أَيضا أَى يوم يأْتى اليوم المجموع له الناس أَى هو اليوم المجموع إِلخ { لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } أَى كلاما نافعا أَو منجيا أَو شفاعة فلا ينافىيوم تأْتى كل نفس تجادل عن نفسها } [النحل: 111]، ونحو قولهموالله ربنا ما كنا مشركين } [الأنعام: 23] يقال خرس فلان عن حجته، ويقال حضر فلان فلم يتكلم مع أَنه ليس أَخرس وقد تكلم إِذ لم يأْت بكلام نافع، ولا يجوز أَن يقدر لا تكلم كلاما باطلا من الأَعذار الباطلة أَو غيرها لأَن الله عز وجل يقول إٍلا بإِذنه والله لا يأْذن بباطل إِلا أَن يقال المراد يأْذن له فى الكلام مطلقا أَو فى الكلام بحجة فينطق بباطل والله عالم بأَنه ينطق به قبل نطقه أو يجعل الاستثناء منقطعا، ويجوز أَن يقدر لا تكلم فى موطن لا ينطقون ولا يؤْذن لهم فيعتذرون وتتكلم فى آخر، ويوم الحشر موطن ومن التكلم فى موطن قوله تعالى:إِلا من أّّذن له الرحمن } [النبأ: 38] فمنه الآية { فَمِنْهُمْ شَقِىُّ } سىءُ الحال فى عذاب وتعب فى النار بعمله لموجب العذاب { وَسَعِيدٌ } حسن الحال فى نعمة وراحة فى الجنة لعمله بفضل الله عز وجل ووعده، أَى ومنهم سعيد، ولا يلزم هذا التقدير إِذ المعنى بلا تقدير ثبت منهم شقى وسعيد، وكأَنه قيل الشقى والسعيد ثابتان منهم، وقدم الشقى لأَن المقام للإِنذار والمراد فريق شقى وفريق سعيد، ولم يقل أَشقياءُ وسعداءُ لأَن الأَفراد أَوفق بما قبل وللإِشارة إِلى أَن السعداءَ كسعيد واحد والأَشقياءَ كشقى للاتفاق فيما به ذلك من الخذلان والتوفيق والأعمال، والجمع فى فأَماالذين شقوا وأَما الذين سعدوا لأَنهم يدخلون النار والجنة زمرة زمرة كما جاءَ القرآن والحديث بذلك الهاءِ للناس فى قوله مجموع له الناس أَو للنفس للعموم بتقدم السلب مع وجود التنكير أَو للناس المعلومين من لا تكلم نفس، أَو لأَهل الموقف كما دل عليه يوم مجموع له الناس، والجن تابعون للناس فى شمول الكلام، والنفس شاملة لهم قطعا وأَطفال المشركين والمنافقين من السعداءِ لقوله صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2 3