الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ ٱلْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ }

{ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى } والإِشارة إِلى أَخذ غير أَخذ القرى المذكور، وهو الأَصل لأَن الله جل وعلا لم يذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أَخذ كل قرية أَخذها، أَو أَراد ما ذكر فى غير هذه السورة ويحتمل أَن تكون الإِشارة إِلى الأَخذ المذكور بعد فتكون الكاف مقحمة للدلالة على فخامة شأْن المشار إِليه والتلويح إِليه كأَنه مشاهد، ففى الوجه الأَول القرى غير المذكورة فى السورة وتنازع أَخذ وأَخذ فى القرى، وأَعمل الأَول فى ضميرها وحذف لأَنه فضلة عمل فيه المهمل، أَى وكذلك أَخذها ربك بإِسكان الخاءِ وضم الذال ورفع ربُّ على الفاعلية للأَخذ والاستقبال بإِذا على فرض أَنه صلى الله عليه وسلم سابق لأَخذ البعض متأَخر عن أَخذ البعض، أَو إِذا بمعنى إِذ باسكان الذال أَو أراد القرى التى تهلك على يد أَمته بعده { وَهِىَ ظَالِمَةٌ } حال بين الله عز وجل أَن عاقبة ظلم النفس بالمعاصى وظلم الخلق وخيمة فى كل عصر فإِن لم تظهر فى الدنيا ظهرت فى الآخرة، ولا يخفى أَن أَخذ القرى وظلمها أَخذ أَهلها وظلمهم على ما مر { إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } وجيع فى نفسه على التجوز الموجع بفتح الجيم كذلك أَو بكسرها شديد لعظمه ودوامه وحضوره بحيث لا يرجى دفعه ولا الخلاص منه، ولا يتخلص ذلك بالأُمم السابقة ولا بأَهل الشرك كما قال أَبو موسى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أَن الله ليملى على الظالم حتى إِذا أَخذه لم يفلته، ثم قرأَ صلى الله عليه وسلم: { وكذلك أَخذ ربك إِذ أَخذ القرى وهى ظالمة إِن أَخذه أَليم شديد } " فنقول يجب على الظالم أَن يقلع عن الظلم ويقضى التباعات.