الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا ٱلْكِبْرِيَآءُ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ }

{ قَالُوا أَجِئْتَنَا } بما يقول من وجود الله وتوحيده أَو من توحيده، وذلك رجوع إِلى التقليد بعد إِفحامهم وانتفاءِ جواب حق يقابلون به موسى عليه السلام { لِتَلْفِتَنَا } لتصرفنا، والالتفات مطاوعة يقال لفته فالتفت كصرفه فانصرف، ومنه قولنا التفت عن الخطاب إِلى الغيبة مثلا والتفت فى صلاته أَى لفتته نفسه من الخطاب فالتفت، أَو لفته الشيطان فى الصلاة فالتفت، وقد يتجاوز به إِلى قولك انتقل من الخطاب { عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا } من عبادة الأَصنام ومن عبادة فرعون فيمن وجد آباءَه يعبدونه، فإِنهم ولو لم يعبدوه عبادة الأصنام لكن انقادوا لأَحكامه المخالفة للحق فذلك عبادة. لما نزل قوله تعالى:اتخذوا أَحبارهم ورهبانهم } [التوبة: 31] إِلخ، قال عدى بن حاتم رضى الله عنه: يا رسول الله ما كنا نعبدهم. فقال " أَليس تقولون يحلون لكم ويحرمون؟ " قال: نعم. قال: " ذلك عبادة " { وَتَكُون لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فى الأَرْضِ } التكبر على الناس والتعظم عليهم واستتباعهم، أَو العظمة بالسلطنة التى تطلبانها، وهى أَكبر ما يطلب من أَمر الدنيا، والأَرض عامة أَو أَرض مصر، أَفردوا موسى عليه السلام قبل هذا لأَنه المخاطب لهم وأَنه الأصل فى الرسالة، ولأَنه المقصود بالإِغاظة، وجمعه مع هارون هنا لأَن الكبرياءَ التى ادعوها هى له ولأَخيه وهى الغاية المطلوبة ومنتهى الأَمر. ويجوز أَن يراد بالكبرياءِ سببها وملزومها وفائِدة هذا المجاز الإِشارة إلى أَن المقصود بالملك الترفع على العباد والتبسط فى البلاد والكبرياءُ التكبر، وفى الأَرض متعلق به أَو بتكون أَو باستقرار لكما أَو بلكما لنيابته عنه أَو بالمستتر فى لكما، وما تقدم تعريض لأَنهم لا يؤْمِنُون وصرحوا به فى قوله تعالى عنهم: { وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ } مصدقين لكما فيما جئْتما به، وقدم لكما للاهتمام بالإِعراض عنه *وللفاصلة، وثنى فى قوله لكما مع أَنه أُفرد فى قوله أَجئْتنا لأَن دعوة موسى هى له ولأَخيه هارون وغايتها المقصودة أَن يؤْمنوا بهما.