الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا وَرَضُواْ بِٱلْحَيٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَٱطْمَأَنُّواْ بِهَا وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ }

{ إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا } لا يطمعون فى خير الآخرة لأَنهم لم يعملوا لها فضلا عن أَن يرجوه لإِنكارهم البعث، أَو لا يتوقعون بمعنى ينتظرون بحيث يشمل الخير والشر، أَو لا يخافون لقاءَنا لإِنكارهم البعث فضلا عن أَن يحذروا العذاب، والرجاء بمعنى الخوف أَو التوقع، مجاز وما ذكرته بمعنى الطمع أَولى لبقائِه على ظاهره مع صحة المعنى ومناسبته لقوله { وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا } لأَن الحاصل أَنهم لم يطمعوا فى أَجر الآخرة واستبدلوه بلذة الدنيا وسكنوا إِليها وذهلوا عنه بها، وليس التوقع أَشد مناسبة لمقام كما يتوهم، وإِطلاق الاطمِئْنان على السكون إِليها إِطلاق لمقيد على المطلق فإِن حقيقة الاطمئنان السكون بعد الانزعاج، والباء بمعنى إلى واختير لفظ الباءِ للرسوخ ولفظ إِلى لمجرد الوصول، أَو الباءُ بمعنى فى، وأَجاز بعض أَن يكون المعنى سكنوا فيها سكنى من لا يخاف انتقالا { وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا } أَى المتلوة والمخلوقة مثل الجبال والسماوات والأَرض، والمتلوة أَيضا مخلوقة { غَافِلُونَ } معرضون لا يتفكرون فيها لأَن قلوبهم مشتغلة بضدها. فشغلهم بالكفر مانعهم هدى. وهؤلاءِ الغافلون الذين لا يرجون، وإِنما عطف لتغاير الصفات إِذ كان عدم الرجاءِ والرضا بالدنيا والاطمئنان بها والغفلة، فالوعيد على تلك الصفات كلها ويجوز أَن يراد بالغافلين من لم ينكر الآخرة ولكن لم يستعد لها كأَهل الكتاب وفسقة الموحدين.