{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِّنْ رِزْقٍ } ما اسم موصول والمعنى أَرأَيتم ما نزل الله من البحيرة والوصيلة والحامى والسائِبة، والمفعول الثانى جملة قوله أَالله أذن لكم، على أَن قل الداخل عليها لهذا ولا يحسن تخريج الآية على الاستفهام وأَنها مبتدأٌ خبره الله لكم، لعدم الرابط إِذ لا يكفى تقديره هكذا: أَالله أَذن لكم فيه، وإِنما يكفى الضمير فى أَنزل فيكون الخبر أَنزل الله، أَى ما أَنزله الله، أَى ما أَنزله الله مع أَن هذا تكلف، لأَن هذا الحذف يوهم أَن ما مفعول به لأَنزل، ولا يحسن أَن تقول زيد ضربت برفع زيد وتقدير الهاءِ، أَى زيد ضربته، بل ينصب ولو ورد الرفع نادرا كقول أَبى النجم " كله لم أَصنع " برفع كل، أَى كله لم أَصنعه، فما إِذا كانت استفهامية ومفعولا به لأَنزل، ومعنى أَنزل خلق لأَن ما خرج من الأَرزاق مقدر فى السماءِ وبسبب الماءِ النازل منها فإِن النبات به وبحرارة القمر والشمس والحيوانات كالنبات { فَجَعَلْتُمْ مِّنْهُ حَرَاماً } هو الوصيلة والبحيرة والحامى { وَحَلاَلاً } هو الميتة. قال الله عز وجل{ أَنعام وحرث حجر } [الأَنعام: 138]{ ما فى بطون هذه الأَنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أَزواجنا وإِن يكن ميتة فهم فيه شركاء } [الأَنعام: 139]، وقيل المراد أَنه أَنزل الماءَ وكان منه ما يؤكل وقلتم هذه أَنعام وحرث حجر وما فى بطون هذه الأَنعام إِلخ، وأَسند الإِنزال إِلى الرزق لأَنه مسبب عن سببه وهو المطر والريح والبرد والحر، أَو أَطلق المسبب وهو الرزق عن سببه وهو الماءُ ونحوه { قُلْ أَاللهُ أَذِنَ لَكُمْ } فى التحليل والتحريم، وعديل هذا هو قوله { أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ } فى التحريم والتحليل، فأَم متصلة والاستفهام توبيخ ويجوز أَن تكون منفصلة، أَى بل على الله تفترون، أَو بل أَعلى الله تفترون، وعلى الانفصال يتعلق بقوله { قل أَالله أَذن لكم } أَو بقوله أَرأَيتم، ومقتضى الظاهر أالله أَذِن لكم أَم غيره، ولكن قال أَم على الله تفترون لأَن فيه معنى أَم غيره وزيادة التصريح بافتِرَائِهم، ولأَن معنى أَالله أَذن لكم: أَفعلتم ما فعلتم على أَنه من عند الله أَم فعلتموه من عند أَنفسكم افتراءً، وقدم قوله على الله للفاصلة وطريق الاهتمام لا للحصر إِذ ليس المقام لأَن يقال يفترون على الله لا على غيره.