الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ }

{ قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ } متعلق بجاءَ محذوفاً، قل جاءَ ذلك بفضل الله وبرحمته، دل عليه جاءَ المذكور، أَو بيفرح محذوفاً دل عليه بفرح المذكور، أَى قل ليفرحوا بفضل الله وبرحمته، والمراد بالفضل والرحمة العموم، وعن مجاهد هما القرآن، وعنه صلى الله عليه وسلم: " الفضل القرآن والرحمة جعلكم من أَهله " ، وفى معناه قول أَبى سعيد الخدرى وجماعة موقوفاً: فضل الله القرآن ورحمته الإِسلام، وهو قريب مما فى الحديث، وعن ابن عباس رضى الله عنهما: الفضل العلم والرحمة محمد صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى:وما أَرسلناك إِلا رحمة للعالمين } [الأنبياء: 107] وقيل: الفضل الجنة والرحمة النجاة من النار. { فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا } كرر للتأْكيد وحذف الأَول ولا حصر فيه، والحصر فى الثانى بالتقديم للمفعول وإِن قدم أَفاد الحصر أَيضاً، هكذا قل بفضل الله وبرحمته ليفرحوا، والفاءَان عاطفتان هكذا، فليعجبوا بذلك فليفرحوا به أَو صلتان، وبذلك بدل من بفضل وبرحمته وبفضل متعلق بيفرح المذكور، هكذا قل بفضل الله وبرحمته بذلك أَو بهما ليفرحوا، والأُولى عاطفة والثانية صلة يتعلق بذلك بما بعدها، هكذا فليفرحوا بذلك، وقدم للحصر لا تفرحوا بالدنيا بل بذلك، وإِذا لم تجعل فاءَ صلة فهى عاطفة سببية والإِشارة بذلك إِلى القرآن، وأُجيز أَن يكون ذلك من باب الاشتغال باسم الإِشارة العائد إِلى الفضل والرحمة بتأْويل ما ذكر، وتقديم الشاغل جائِز نحو زيد إِياه أَكرمت. واسم الإِشارة ظاهر وضع موضع المضمر إِشعاراً بعلو شأْن الفضل والرحمة. وقد شهر استعمال اسم الإِشارة رابطاً فلا غرابة فى هذا الإِعراب. والضمير فى يفرحون للمؤمنين { هُوَ } أَى ذلك المشار به إِلى الفضل والرحمة بتأْويل ما ذكر والفضل والرحمة وأُضمر لهما بتأْويل ما ذكر أَو المجىء المعلوم من جاءَ، ولا يخفى أَن رد الضمير إِلى الأَقرب أَو إِلى من رده إِلى البعيد ولو كان رده إِلى البعيد لا يحتاج إِلى تأْويل ما ذكر، لأَنه اجتمع فيه البعد وغير التصريح بالاسم. { خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } أَى مما يجمع الكفار من المال والجاه واللذائِذ، ويجوز عود الواو للمؤمنين لأَن المؤمنين لا يخلون من جمع المال وحب الجاه بالطبع.
تالله لو كانت الدنيا بأَجمعها   تبقى علينا وما من رزقها رغدا
ما كان من حق حر أَن يذل بها   فكيف وهى متاع يضمحل غدا
وما يعدونه خيرا ليس بخير
لا تعجبن الجهول حلته   فذاك ميت وثوبه كفنه