الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلشَّمْسَ ضِيَآءً وَٱلْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلْحِسَابَ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ ذٰلِكَ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ يُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }

{ هُوَ الَّذِى جَعَلَ الشَّمْسَ } أَنشأَها، وإِن فسرناه بصيَّرنا فهو على معنى قوله وسع الدار بمعنى ابنها من أَول الأَمر واسعة، الأَول مستغن عن هذا التأُويل { ضِيَاءً } نفس الضوءِ مبالغة، أَو بمعنى ذات ضياء أَو مضيئَة، وهو مفرد أَو جمع ضوءٍ كسوطٍ وسياط، والأَول أَنسب بالإِفراد فى قوله { وَالْقَمَرَ نُوراً } نفس النور مبالغة أَو ذا نور، وسميت شمساً، قبل من شمسة القلادة للخرزة الكبيرة وسطها فإِنها أَعظم الكواكب كما يشهد به الحسن، وجاءَ به الأَثر. قلت: لا دليل فى ذلك لاحتمال أَن الخرزة الكبيرة سميت بشمس السماءِ لكبرها على الكواكب وكبر الخرزة على سائِر الخرز، ولعلها سميت لنفور العين عن النظر إِليها لقوة ضوئِها أَو نفورها عن العين مجازا فى هذا، أَو سمى القمر لبياضه لكن إِلى صفرة وهو قمر بعد ثلاث وفيها هلال، والضياءُ والنور عرضان. والضياءُ اسم لكيفية الشعاع الفائِض من الشمس مثلا إِذا كانت الكيفية تامة قوية والنور اسم لأَصل هذه الكيفية، إِذا كانت تامة قوية ولذلك خص الشمس بالضياءِ، إِذا كان أَقوى، وخص القمر بالنور لأَنه ضعيف بالنسبة إِلى الضياءِ، ولو تساويا لم يعرف فكانت الزيادة الباقية فى الشمس، والضوء ما بالذات كالكيفية التى على الشمس، والنور ما بالعرض كالكيفية لغيرها، والضياءُ اسم لهذه الكيفية، ولا يخفى أَنه شاع نور الشمس ونور النهار، وياءُ ضياءً، عن واو لكسر ما قبلها، وضياءُ الشمس ذاتى لها، وقيل من نور العرش، وعلى كل حال لا يزول عنها ما دامت الدنيا، ونور القمر عرضى له من مقابلة الشمس يزول ويتجدد، يزداد ببعده عنها وينقص بقربه يضىءُ ما قابلها منه دون ما لم يقابلها، ولا مانع من أَن نوره ذاتى، له وجه مضىءٌ ووجه غير مضىءٍ فيتحرك منه المضىءُ شيئاً فشيئاً، ويتحرك وينقص شيئاً فشيئاً { وَقَدَّرَهُ } أَى قدر كل واحد من الشمس والقمر أَو قدر ما ذكر منهما، أَو قدر القمر وهو أَولى لصورة إِفراد الضمير، ولأَن العرب تعرف الشهور والسنين به لا بالشمس لمعاينة منازله ولتعلق أَحكام الشرع به، قيل ولسرعة سيره لأَنه يقطع المنازل شهراً والشمس سنة ومنازلها منازله تبطىءُ فيها { مَنَازِلَ } ظرف لسير مقدر مضاف للهاءِ فى قدره، أَى وقدر سيره فى منازل، أَو مفعول ثان لقدر على معنى صيره منازل، وسواءٌ فى إِعراب منازل بالوجهين رددنا الهاءَ للقمر، ويستتر القمر ليلتين إِن كان الشهر ثلاثين، وليلة إِن كان تسعة وعشرين، هذا غالب، وتحققت مرتين أَنه رؤِى بعد الفجر، وكان من تسعة وعشرين، والمنازل ثمانية وعشرون: الشرطان والبطين والثريا والدبران والهقعة والمنعة والذراع والنثرة والطرفة والجبهة والزبرة والصرفة والعواء والسماك الأَعزل والغفر والزبانى والإِكليل والقلب والشولة والنعائم والبلدة وسعد الذابح وسعد بلع وسعد السعود وسعد الأَخبية وفرغ الدلو المقدم والفرغ المؤخر وبطن الحوت.

السابقالتالي
2