الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ ٱلنَّاسَ شَيْئاً وَلَـٰكِنَّ ٱلنَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }

{ إِنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً } لا يجبرهم على عمى القلب ولا يطبعهم عليه، والإِجبال أَو الطبع نقص لهم والظلم بمعنى النقص، وشيئاً مفعول به ثان، فالمعنى لا ينقصهم هدى، أَو مفعول مطلق أَى لا يظلمهم ظلماً ما قليلا ولا كثيراً { وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } باختيارهم الضلال والخروج عن الفطرة، وذلك كسب لهم موافق للقضاءِ الأَزلى أَن كسبهم خلق من الله وهم عبيده لا يتصور أَن يكون شىءٌ منه ظلماً لهم مع أَنهم لم يملكوا أَنفسهم بل هو ملكها، وذلك الذِى ظهر من القدرة على الفعل والترك هو الاختيار منك، أَو المعنى لا يظلم الناس بالعذاب يوم القيامة، بل ظلموا بذلك العذاب الذى استوجبوه، وقدم أَنفسهم للفاصلة، ولطريق الاهتمام لا للحصر، لأَنه ما مقابلة لا يظلم الناس شيئاً بالاستدراك، ولو صح فى نفس الأَمر حصر القلب لقوله إِن الله لا يظلم الناس إِذ زعموا أَن الله أَجبرهم وأَن مشيئته إِجبار وأَن عقابهم مع الإِجبار ظلم، وقد قال الله تعالى،ولكن ظلموا أَنفسهم } [هود: 101] بلا ضيعة، حصرا وهذا الظلم المنسوب إِلى الله لا يناله وإِنما نال الظلم أَنفسهم، وهذا حصر المظلومية وحصر الظالمية فى قوله تعالىولكن كانوا هم الظالمين } [الزخرف: 76] واختار هنا قصر المظلومية، وحصر للمبالغة فى بطلان أَفعالهم وسخافة عقولهم، إِذا فعلوا الشر فى أَنفسهم كمن قتل نفسه، ويجوز أَن يكون أَنفسهم تأْكيداً للناس كما يقال: ضربت عمراً نفسه عينه، فيكون حصراً للظالمين، كأَنه قيل الظالمون هم لا الله تعالى، فيقدر المفعول به أَى يظلمون أَنفسهم.