الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ قُلِ ٱللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيۤ إِلاَّ أَن يُهْدَىٰ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ }

{ قُلْ هَلْ مِنْ شَرَكَائِكُمْ مَّنْ يَهْدِى إِلَى الْحَقِّ } ضد الباطل، هذا سؤال سابع: هل من شركائِكم من يعرف الحق ويهدى إِليه بنصب الدلائِل وإِرسال الرسل والأَنبياء وإِنزال الكتب فما يصح أَن يكون إِلها من لا يهدى عباده إِلى مصالحهم الدينية والدنيوية، ولا يكون هو المحلل المحرم ولا محيد عنهم عن أَن يقولوا آلهتنا لا تقدر على ذلك، فليست أَهلا لأَن تكون متبوعة، وكأنهم أَقروا بأَن ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حق من الله لظهور برهانه، ولو يسكتون لجاجا وعناداً فأَمره صلى الله عليه وسلم الله تعالى أَن يقول عنهم ولا ينتظر أَن يقولوا فقال { قُلِ اللهُ يَهْدِى لِلْحَقِّ } والسؤال الثامن أَم يقولون إِلخ فأَمره بالجواب، إِذ قال قل فأْتوا ويجوز أَن يكون الهدى بمعنى التوفيق، وأَن يكون أَمره بالقول عنهم لجهلهم بما يقولون، وأَما يبدأُ الخلق فيبعد أَن يجهلوا أَن آلهتهم لا تبدأُ الخلق ولا تعيد وهدى يتعدى باللام تارة وبإِلى أُخرى تفننا { أَفَمَنْ يَهْدِى إِلَى الْحَقِّ } بالحجج { أَحَقُّ } ممن لا يهدى إِليه { أَنْ يُتَّبَعَ } فيما أَمر أَو نهى أَو قال وهو الله جل وعلا، وأَحق اسم تفضيل على معناه والباءُ مقدرة أَى أَحق بأَن يتبع، وذلك على فرض أَن للأَصنام حق اتباع على زعمهم، وأَنها تأْمر وتنهى كأَنه قيل: إِذا كان لها حق اتباع، فالله أَحق منها بالاتباع، أَو المراد بالاتباع المراعاة بالعبادة أَو اسم تفضيل خارج عنه أَى حقيق بالاتباع، وإِنما نفى الاهتداءَ مع أَن ما قبله نفى للهداية مبالغة بأَن من لا يهتدى أَبعد من أَن يكون هادياً، فقد يكون الشىءُ مهتديا فى شأْنه لا يهدى غيره، فكيف من لا يهدى ولا يهدى أَو لمراعاة كون من اهتدى لا يخلو من أَن يصدر منه هداية بالنطق أَو الإِشارة أَو ظهور ما يقتدى به مشاهدة بالاتباع { أَمَّنْ لاَ يَهْدِّى } لا يهتدى أَبدلت التاء دالا وأَدغمت فى الدال بعد نقل فتحها للهاءِ { إِلاَّ أَنْ يُهْدَى } وهو الأَصنام، والمراد باهتدائِها موافقة ما يليق بها فى ظاهر الأَمر كجعلها حيث لا تداس ولا يلحقها الوسخ ولا تنتقل بنفسها أَو على فرض أَنها تعقل وتهتدى بمن هداها، وعبر عن الأَصنام بمن ملايمة لتعظيمهم إِياها ولاستحضارها فى مقامات مالا يتصف به الجماد. وقيل الشركاءُ شامل لعيسى والملائِكة فى الموضعين، وقيل فى الأَخير فتكون من على أَصلها أَو عمت العاقل وغيره، وأَما النجوم والشمس والقمر فى شأُن من يعبدهن فإِنهن كالأَصنام، أَو المراد أَو عاقل لا يهدى إِلى أَن يهدى بعموم العاقل عموماً بدلياً لا بقصد خصوص عيسى والملائِكة، فكيف يكون الجماد مهتديا لا هادياً { فَمَا لَكُمْ } إِنكار للياقة وتعجيب من اتخاذ من عجز عن مصالح نفسه إِلهاً، ومثل هذا لا بد له من حال مذكورة مثل مالك لا تتكلم، وقوله ما لكم عن التذكرة معرضين، أَو مقدرة كهذه الآية، أَى مالكم متخذين ما لا يملك ضراً ولا نفعاً آلهة أَو متخذين ما لا يهدى إِلهاً، أَو متبعين ما لا يهتدى. وينبغى الوقف بين مالكم وكيف تحكمون لأَن كلا استفهام مستقل { كَيْفَ تَحْكُمُونَ } إِنكار للياقة وتعجيب من الحكم بما يقضى بادىءَ الرأْى ببطلانه من اتخاذ من ذكر آلهة.