الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لَّوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }

{ قُلْ لَّوْ شَاءَ اللهُ } أَن يكون قرآن غيره أَو أَن يبدله ثم ينزله فاكتفى عن هذا بقوله { مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ } أَعلمكم الله { بِهِ } على لسانى فإِن عدم التلاوة وعدم الإِدراءِ به سببان وملزومان لعدم إِنزاله والمشهور أَن مفعول المشيئة يحذف، إِلا إِن كان غريباً، والتقدير لو شاءَ الله عدم تلاوته عليكم وعدم إِدرائِه إِياكم به ما تلوته عليكم ولا أَدراكم به. والباءُ للإِلصاق من درى المتعدى بما كما تقول عرفت بكذا ولا معمول له إِلا ما دخلت عليه الباءُ، كأَنه قيل اتصل على به فتعدى الآخر بالهمزة، أَو صلة فى المفعول الثانى لأَدرى المتعدى للاثنين من درى المتعدية لواحد وللصلة للتأْكيد نصاً على الكلية ولذلك ساغت فى المعطوف على جواب لو مع أَنه لا يكون بلا النافية، إِلا أَن يقال إِن هذا مما يغتفر فى ثوانيه ما لا يغتفر فى أَوائِله، وضمير أَدرى عائِد إِلى الله، وقرىء أَدرأَكم بهمزة بعد الراءِ على لغة عقيل من قبل الأَلف المبدلة من ياءِ آخر الهمزة ولو كان أَصل تلك الياءِ أَلفاً كأَعطيتك فيقولن أَعطاتك بهمزة ساكنة بدلا من أَلف أَعطى المبدلة عن الياءِ المبدلة عن الواو، أَو معنى قراءَة الهمزة لأَجعلنكم خصماءَ بتلاوته تدرأُوننى بالجدال من الدرءِ بمعنى الدفع { فقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً } مدة قيل أَو مقدار عمر { مِنْ قَبْلِهِ } قبل مجيئى بما قلت أَنه قرآن مكثت فيكم أَربعين سنة تشاهدوننى لا أَقرأُ كتابة ولا أَكتب ولا أُجالس من يقرؤُها أُو يكتب، ولا أُجالس أَصحاب الأَخبار والقصص أَو الكهانة ولا أَدعى شيئاً، وشاهدتم صدقى ولا أَنشىءُ شعراً ولا أَقرؤه ولا خطبة وجئْتكم بكلام بليغ لا تطيقون مثله مخبر بالغيوب مشتمل على الآداب ومكارم الأَخلاق والأَحكام المقبولة فى قلوب من تدبروا { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } أَتلاحظون ذلك ولا تعقلون بذلك أَنه من الله لا منى، ولأَنى مع بلاغتى الزائِدة على بلاغتكم لا آتى بمثله فى سائر كلامى وإِذا كان ذلك.