الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لَـٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { وَجَآءَ ٱلْمُعَذِّرُونَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { لَّيْسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ وَلاَ عَلَىٰ ٱلْمَرْضَىٰ وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَآ أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنْفِقُونَ } * { إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَآءُ رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ وَطَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُل لاَّ تَعْتَذِرُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا ٱللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { سَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ إِذَا ٱنْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُواْ عَنْهُمْ فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِن تَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَرْضَىٰ عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ }

{ لَـٰكِنِ ٱلرَّسُولُ } الآية، لكن وضعُها أن تقع بين متنافيين ولما تضمن قول المنافقين ذرنا استئذانهم في القعود كان ذلك تصريحاً بانتفاء الجهاد، وكأنه قيل: رضوا بكذا ولم يجاهدوا لكن الرسول جاهد والمعنى أن تخلف هؤلاء المنافقون فقد توجه إلى الجهاد من هو خير منهم وأخلص نية. والخيرات: جمع خيرة، وهو المستحسن من كل شىء فيتناول محاسن الدنيا والآخرة لعموم اللفظ. وكثر استعماله في النساء ومنه قوله تعالى:فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ } [الرحمن: 70].

{ وَجَآءَ ٱلْمُعَذِّرُونَ } الآية، وقرىء بالتشديد والتخفيف. والظاهر أن هؤلاء الجائين كانوا مؤمنين، كما قال ابن عباس، لأن التقسيم يقتضي ذلك ألا ترى إلى قوله: { وَقَعَدَ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } الآية، فلو كان الجميع كفاراً لم يكن لوصف الذين قعدوا بالكذب اختصاص، وكان يكون سيصيبهم عذاب أليم. والمعذورون: هم أسد وغطفان. وقيل غير ذلك.

{ لَّيْسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ } الآية، لما ذكر تعالى حال من تخلف عن الجهاد مع القدرة عليه ذكر حال من له عذر في تركه. والضعفاء: جمع ضعيف وهو الهرم، ومن خلق في أصل البنية شديد النحافة والضؤولة بحيث لا يمكنه الجهاد. والمريض: من عرض له المرض، أو كان زمناً ويدخل فيه العُمْيُ والعرج.

و { ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ } هم الفقراء. قيل: هم مزينة وجهينة وبنو عذرة. ونفى الحرج عنهم في التخلف عن الغزو، ونفي الحرج لا يتضمن المنع من الخروج إلى الغزو فلو خرج أحد هؤلاء ليعين المجاهدين بما يقدر عليه من حفظ متاعهم أو تكثير سوادهم ولا يكون كلاً عليهم كان له في ذلك ثواب جزيل " فقد كان عمرو بن الجموح أعرج وهو من أتقياء الأنصار وهو في أول الجيش، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ان الله عذرك. فقال: والله لأحْقِرَنّ بعرْجتي هذه في الجنة " وكان ابن أم مكتوم أعمى فخر إلى أحد وطلب أن يعطى اللواء فأخذه فأصيبت يده التي فيها اللواء فأمسكه باليد الأخرى فضربت فأمسكه بصدره وقرأ: وما محمد إلا رسول، الآية. وشرط سبحانه وتعالى في انتفاء الحرج النصح لله ورسوله وهي أن تكون نياتهم وأقوالهم سراً وجهراً خالصة لله تعالى من الغش ساعية في إيصال الخيرات للمؤمنين داعية لهم بالنصر والتمكين. ففي سنن أبي داود: " لقد تركتم بعدكم قوماً ما سرتم سيراً ولا أنفقتم من نفقة ولا قطعتم وادياً إلاّ وهم معكم فيه. قالوا: يا رسول الله وكيف يكونون معنا وهم بالمدينة؟ قال: حبسهم العذر " وقرأ أبو حيوة: إذا نصحوا الله ورسوله، بنصب الجلالة والمعطوف.

{ مَا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ } أي من لائمة تناط بهم أو عقوبة.

السابقالتالي
2 3