الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ } * { أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ذٰلِكَ ٱلْخِزْيُ ٱلْعَظِيمُ } * { يَحْذَرُ ٱلْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ ٱسْتَهْزِءُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ } * { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِٱللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ } * { لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنْكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ }

{ يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ } الظاهر ان الضمير في يحلفون عائد على الذين يقولون هو إذن أنكروه وحلفوا أنهم ما قالوه. واللام في " ليرضوكم " لام كي. قال ابن عطية: مذهب سيبويه أنهما جملتان حذفت الأولى لدلالة الثانية عليها والتقدير عنده والله أحق أن يرضوه ورسوله أحق أن يرضوه. ومذهب المبرد ان في الكلام تقديماً وتأخيراً وتقديره والله أحق أن يرضوه ورسوله. " انتهى ".

فقوله مذهب سيبويه أنهما جملتان حذفت الأولى إن كان الضمير في أنهما جملتان عائداً على كل واحدة من الجملتين، فكيف يقول: حذفت الأولى، ولم تحذف الأولى إنما حذف خبرها وإن كان الضمير عائداً على الخبر وهو أحق أن يرضوه، فلا تكون جملة إلا باعتقاد كون أن يرضوه مبتدأ وأحق المتقدم خبره لكن لا يتعين هذا القول، إذ يجوز أن يكون الخبر مفرداً بأن يكون التقدير أحق بأن يرضوه، وعلى التقدير الأول يكون التقدير والله إرضاؤه أحق. وقدره الزمخشري: والله أحق أن يرضوه ورسوله كذلك. " انتهى ". وفي تقديره تفكيك للكلام حيث جعل أحق أن يرضوه خبراً عن قوله: والله، فنوى به التقديم وأضمر خبراً لقوله: ورسوله، وقدره كذلك. والذي نقول: انه لما كانت طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم طاعة لله تعالى كما قال:مَّنْ يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ ٱللَّهَ } [النساء: 80]، صارا لذلك متلازمين كالشىء الواحد فأخبر عنهما إخبار الواحد فأفرد الضمير، كما قال الشاعر:
بها العينان تنهل   
ولم يقل: تنهلان. وقالت العرب: رب يوم وليلة مرّ بي. يُريد مرّا بي، فأفرد الضمير لتلازمهما.

{ أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ ٱللَّهَ } أي لم يعلم المنافقون، وهو استفهام معناه التوبيخ والإِنكار. وقرىء: بالتاء وهو التفات. خرج من ضمير الغيبة إلى ضمير الخطاب، واسم ان هو ضمير الأمر والشأن، وخبر ان هو جملة الشرط والجزاء، فمن مبتدأ ويحادد مجزوم به. قال ابن عباس: المحادة هنا المخالفة، ويحادد خبر لمن، والفاء داخلة في جواب الشرط وينسبك من أن وما بعدها مصدر خبر لمبتدأ محذوف تقديره فجزاؤه كينونة النار له. قال الزمخشري: ويجوز أن يكون فإِنّ له معطوفاً على أنه على أن جواب من محذوف تقديره ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله يهلك فإِنّ له نار جهنم. " انتهى ".

فيكون فإِن له نار جهنم في موضع نصب. وهذا الذي قدره لا يصح لأنهم نصوا على أنه إذا حذف الجواب لدلالة الكلام عليه كان فعل الشرط ماضياً في اللفظ أو مضارعاً مجزوماً بلم، فمن كلامهم: أنت ظالم إن فعلت، ولا يجوز أنْ تفعل. وهنا حذف جواب الشرط، وفعل الشرط ليس ماضي اللفظ ولا مضارعاً مقروناً بلم وذلك ان جاء في كلامهم فمخصوص بالضرورة، وأيضاً فتجد الكلام تاماً دون تقدير هذا الجواب.

السابقالتالي
2