الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّمَا ٱلصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱلْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { وَمِنْهُمُ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلنَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

{ إِنَّمَا ٱلصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ } الآية، لما ذكر تعالى من يعيب الرسول في قسم الصدقات بأنه يعطي من يشاء ويحرم من يشاء، أو يخص أقاربه أو يأخذ لنفسه ما بقي، وكانوا يسألون فوق ما يستحقون، بيّن تعالى مصرف الصدقات فإِنه عليه السلام إنما قسم على ما فرضه الله تعالى. ولفظة { إِنَّمَا } إن كانت وضعت للحصر فالحصر مستفاد من لفظها، وان لم توضع للحصر فالحصر مستفاد من الأوصاف، إذ مناط الحكم بالوصف يقتضي التعليل به، والتعليل بالشىء يقتضي الاقتصار عليه. والظاهر أن مصرف الصدقات هؤلاء الأصناف. والظاهر أن العطف مشعر بالتغاير فتكون الفقراء غير المساكين. والظاهر بقاء هذا الحكم للأصناف الثمانية دائماً إذ لم يرد نص في نسخ شىء منها. وتقدم الكلام على الفقراء والمساكين وفي الرقاب وابن السبيل في البقرة.

{ وَٱلْعَامِلِينَ عَلَيْهَا } العامل هو الذي يستنيبه الإِمام في السعي في جمع الصدقات وكل من تصرف لا يستغني عنه فيها فهو من العاملين، ويسمى جابي الصدقات والساعي.

{ وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ } هم أشراف من العرب مسلمون لم يتمكن الإِيمان من قلوبهم أعطاهم صلى الله عليه وسلم ليتمكن الإِيمان من قلوبهم. فمن المؤلفة أبو سفيان بن حرب وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام وحويطب بن عبد العزى وصفوان بن أمية ومالك بن عوف النضري والعلاء بن حارثة الثقفي، فهؤلاء أعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة بعير لكل واحد، ومَخْرَمة بن نوفل بن الزهري وعمير بن وهب الجمحي وهشام بن عمرو العائذي أعطاهم دون المائة، ومن المؤلفة سعيد بن يربوع والعباس بن مرداس والأقرع بن حابس وزيد الخيل وعلقمة بن علاثة وأبو سفيان الحارث بن عبد المطلب وحكيم بن حزام وعكرمة بن أبي جهل وسعيد بن عمرو وعيينة بن حصن، وحَسُنَ إسلام المؤلفة حاشى عيينة فإِنه لم يزل مغموصاً عليه.

{ وَٱلْغَارِمِينَ } قال ابن عباس: الغارم من عليه دين. وزاد مجاهد وقتادة: في غير معصية ولا إسراف. والجمهور على أنه يقضى منها دين الميت إذ هو غارم. وقال أبو حنيفة وأبو المواز من المالكية: لا يقضى منها. وقال أبو حنيفة: ولا يُقضى منها كفارة ونحوها من حقوق الله تعالى. وإنما الغارم من عليه دين يحبس فيه. وقيل: يدخل في الغارمين من تحمل حمالات في إصلاح وبرّ، وان كان غنياً إذ كان ذلك يجحف بماله، وهو قول الشافعي وأصحابه وأحمد.

{ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } هو المجاهد يعطي منها إذا كان فقيراً. والجمهور على أنه يعطى منها وإن كان غنياً ما ينفق في غزوته. وقال الشافعي وأحمد وعيسى بن دينار وجماعة: لا يعطى الغني إلا ان احتاج في غزوته وغاب عنه وَفْرُهُ.

السابقالتالي
2