الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّمَا ٱلنَّسِيۤءُ زِيَادَةٌ فِي ٱلْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِّيُوَاطِئُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوۤءُ أَعْمَالِهِمْ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا مِنَ ٱلآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ } * { إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي ٱلْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفْلَىٰ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلْعُلْيَا وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }

{ إِنَّمَا ٱلنَّسِيۤءُ زِيَادَةٌ فِي ٱلْكُفْرِ } الآية، قرىء النسىء مهموزاً على وزن فعيل. وقرىء: النسىء بتشديد الياء من غير همز. وتقدم الكلام عليها في قوله:أَوْ نُنسِهَا } [الآية: 106]، في البقرة زيادة في الكفر جاءت مع كفرهم بالله تعالى لأن الكافر إذا أحدث معصية ازداد كفراً. والضمير في به عائد على النسىء، واللام في ليواطئوا متعلقة بقوله: ويحرمونه، وذلك على طريق الأعمال. ومعنى ليواطئوا، أي ليحفظوا في كل عام أربعة أشهر في العدد فأزالوا الفضيلة التي خصّ الله بها الأشهر الحرم وحفظوا العدة وحدها بمثابة أن يفطر رمضان ويصوم شهراً من السنة بغير مرض أو سفر.

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ } الآية، لما أمر تعالى رسوله بغزوة تبوك وكان زمان جدب وحر شديد وقد طابت الثمار عظم ذلك على الناس وأحبوا المقام، نزلت عتاباً على من تخلف عن هذه الغزوة وكانت سنة تسع من الهجرة بعد الفتح بعام غزا فيها الروم في عشرين ألفاً من راجل وراكب وتخلف عنه قبائل من الناس ورجال من المؤمنين كثير ومنافقون وخص الثلاثة بالعتاب الشديد بحسب مكانهم من الصحبة إذ هم من أهل بدر وممن يقتدى بهم، وكان تخلفهم عن غير علة حسبما يأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى. ولما شرح معايب الكفار رغب في مقاتلتهم. وما لكم استفهام معناه الإِنكار والتقريع. وبنى قيل للمفعول والقائل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يذكر أغلاظاً ومخاشنة لهم وصوناً لذكره إذ أخلد إلى الهُوَينا والدعة من أخلد وخالف أمره عليه السلام، ومعنى اثاقلتم إلى الأرض ملتم إلى شهوات الدنيا حين أخرجت الأرض ثمارها وكرهتم مشاق السفر. وقيل: ملتم إلى الإِقامة بأرضكم، ولما ضمن معنى الميل والإِخلاد عدى بإِلى. وفي قوله: أرضيتم، نوع من الإِنكار والتعجب، أي أرضيتم بالنعيم العاجل في الدنيا الزائل بدل النعيم الباقي، ومن تظافرت أقوال المفسرين على أنها بمعنى بدل أي بدل الآخرة كقوله تعالى:لَجَعَلْنَا مِنكُمْ مَّلاَئِكَةً } [الزخرف: 60]، أي بدلاً منكم. ومنه قول الشاعر:
فليت لنا من ماء زمزم شربة   مبردة باتت على طهيان
أي بدلاً من ماء زمزم. والطهيان عود ينصب في ناحية الدار للهواء تعلق فيه أوعية الماء حتى يبرد، وأصحابنا لا يثبتون أنّ من تكون للبدل ويتعلق في الآخرة بمحذوف تقديره فما متاع الحياة الدنيا محسوباً في نعيم الآخرة.

{ إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ } الآية، هذا وعيد للمتثاقلين عظيم حيث أوعدهم بعذاب أليم مطلق يتناول عذاب الدارين وأنه يهلكهم ويستبدل قوماً آخرين خيراً منهم وأطوع وأنه غني عنهم في نصرة دينه لا يقدح تثاقلهم فيها شيئاً.

{ إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ } في: الا تنصروه انتفاء النصر بأي طريق كان من نفر أو غيره.

السابقالتالي
2