الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي ٱلأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ } * { وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوۤاْ أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } * { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَـٰئِكَ مِنكُمْ وَأْوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

{ وَٱلَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } الآية، لما ذكر أقسام المؤمنين الثلاثة وأنهم أولياء ينصر بعضهم بعضاً ويرث بعضهم بعضاً، بين أن فريق الكفار كذلك إذ كانوا قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم يعادي أهل الكتاب منهم قريشاً ويتربصون بهم الدوائر فصاروا بعد بعثته عليه السلام يوالي بعضهم بعضاً البا واحداً على رسول الله صلى الله عليه وسلم خوفاً على رياستهم وتحزباً على المؤمنين.

{ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ } الضمير عائد على الاستنصار وهو المصدر المفهوم من قوله:وَإِنِ ٱسْتَنصَرُوكُمْ } [الأنفال: 72] وتكن تامة وفتنة فاعل بها والفتنة إهمال المسلمين المستنصرين بنا حتى يتسلط عليهم عدوهم من الكفار. وقرأ أبو موسى الحجازي عن الكسائي كثير بالثاء المثلثة.

{ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ } هذه الآية فيها تعظيم المهاجرين والأنصار وهي مختصرة إذ حذف منها بأموالهم وأنفسهم وليست تكراراً لأن السابقة تضمنت ولاية بعضهم بعضاً وتقسيم المؤمنين إلى الأقسام الثلاثة وبيان حكمهم في ولايتهم ونصرهم، وهذه تضمنت الثناء والتشريف والاختصاص وما آل إليه حالهم من المغفرة والرزق الكريم. وتقدم تفسير نظير أواخر هذه الآية في أول السورة فأغنى عن إعادته.

{ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ } يعني الذين لحقوا بالهجرة من سبق إليها فحكم تعالى بأنهم من المؤمنين السابقين في الثواب والأجر وإن كان للسابقين شغوف السبق، وتقدم الإِيمان والهجرة والجهاد ومعنى من بعد أي من بعد الهجرة الأولى وذلك بعد الحديبية، قاله ابن عباس.

{ وَأْوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ } الآية، قيل: هي في المواريث، واستدل بها أبو حنيفة على توريث ذوي الأرحام، وقيل: ليست في المواريث والله أعلم.