الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَآ آلَ فِرْعَونَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ } * { إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } * { ٱلَّذِينَ عَاهَدْتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ } * { فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي ٱلْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } * { وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَٱنْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَآءٍ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلخَائِنِينَ } * { وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُوۤاْ إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ }

{ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ } تقدم الكلام عليه في آل عمران.

{ ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً } الآية، ذلك مبتدأ، وخبره بأن الله لم يك، أي ذلك العذاب والانتقام بسبب كذا. وظاهر النعمة أنه يراد بها ما يكون فيه من سعة الحال والرفاعية والعزة والأمن والخصب وكثرة الأولاد.

{ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ } حتى هنا للغاية. المعنى إلى أن يغيروا وما موصولة بمعنى الذي، وبأنفسهم صلته، والباء ظرفية أي في أنفسهم من تبديل شكر الله تعالى بكفران النعمة.

{ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ } الدأب العادة وهذه الجملة تأكيد للجملة السابقة.

{ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ } حمل على معنى كل فجمع الضمير في كانوا لأجل الفواصل ولم يحمل على لفظه كما حمل في قوله:قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ } [الإسراء: 84]، فأفرد الضمير وكما أفرده في قوله:فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ } [العنكبوت: 40]. قال الزمخشري: وكلهم من غرقى القبط وقتلى قريش كانوا ظالمين أنفسهم بالكفر والمعاصي. " انتهى ". لا يظهر تخصيص الزمخشري كلا لغرقى القبط وقتلى قريش إذ الضمير في كذبوا وفي أهلكناهم لا يختص بهما فالذي يظهر عموم المشبّه به وهم آل فرعون والذين من قبلهم.

{ إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } نزلت في بني قريظة منهم كعب بن الأشرف وأصحابه عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يمالؤا عليه فنكثوا بأن أعانوا مشركي مكة بالسلاح وقالوا: نسينا وأخطأنا، ثم عاهدهم فنكثوا ومالؤا معهم يوم الخندق، وانطلق كعب بن الأشرف إلى مكة مخالفهم.

{ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } إخبار منه تعالى أنهم لا يؤمنون فلا يمكن أن يقع منهم إيمان. قال ابن عباس: شر الناس الكفار وشر الكفار منهم المصرون وشر المصرين الناكثون للعهود، فأخبر تعالى أنهم جامعون لأنواع الشر.

{ ٱلَّذِينَ عَاهَدْتَّ مِنْهُمْ } بدل من الذين كفروا.

{ فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ } أي فاما تظفر بهم وثم محذوف تقديره فاقتلهم لأن التشريد لا يتسبب عن الظفر فقط بل عن الظفر والقتل والتشريد التطريد والابعاد.

{ مَّنْ خَلْفَهُمْ } أي من الكفار. وقرأ الأعمش بخلاف عنه فشرذ بالذال المعجمة وكذا في مصحف عبد الله. قالوا: ولم تحفظ هذه المادة في لغة العرب. وقيل: الذال بدل من الدال كما قالوا لحم خراديل وخراذيل.

{ وَإِمَّا تَخَافَنَّ } الظاهر أن هذا استئناف كلام أخبره تعالى بما يصنع في المستقبل مع من يخاف منه خيانة.

وقوله: { مِن قَوْمٍ } يدل على أنهم ليسوا الذين تقدم ذكرهم إذ لو كانوا إياهم لكان التركيب واما تخافن منهم، أمر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم إذا أحس من أهل عهد ما ذكرنا وخاف خيانتهم أن يلقى إليهم عهدهم وهو النبذ ومفعول فانبذ محذوف التقدير فانبذ إليهم عهدهم أي ارمه واطرحه.

السابقالتالي
2