الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِٱللَّهِ وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { إِذْ أَنتُمْ بِالْعُدْوَةِ ٱلدُّنْيَا وَهُم بِٱلْعُدْوَةِ ٱلْقُصْوَىٰ وَٱلرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي ٱلْمِيعَادِ وَلَـٰكِن لِّيَقْضِيَ ٱللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { إِذْ يُرِيكَهُمُ ٱللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي ٱلأَمْرِ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ ٱلْتَقَيْتُمْ فِيۤ أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِيۤ أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ ٱللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ }

{ وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ } الآية، قال الواقدي: كان الخمس في غزوة بني قينقاع بعد بدر بشهر وثلاثة أيام للنصف من شوال على رأس عشرين شهراً من الهجرة.

{ فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ } قال ابن عباس وجماعة: خمسة استفتاح كلام كما يقول الرجل لعبده: أعتقك الله، وأعتقتك على جهة التبرك وتفخيم الأمر والدنيا كلها لله تعالى وقسم الله وقسم الرسول واحد. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم الخمس على خمسة أقسام. والظاهر أن ما موصولة، وغنمتم صلة ما، والعائد محذوف، ومن شىء تفسير لما انبهم في لفظ ما أريد بها العموم فلذلك دخلت الفاء في خبر ان لتضمن العموم معنى الشرط وان لله في موضع رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي فالحكم ان لله خمسه. وأجاز الفراء أن تكون ما شرطية منصوبة بغنمتم، واسم انّ ضمير الشأن محذوف تقديره انه وحذف هذا الضمير مع أن المشددة مخصوص عند سيبويه بالشعر. وتقدم الكلام على ذوي القربى وما بعدها بالبقرة وظاهر العطف يقتضي التشريك فلا يحرم أحد.

{ وَمَآ أَنزَلْنَا } معطوف على بالله ويوم الفرقان يوم بدر بلا خلاف فرق الله فيه بين الحق والباطل. والجمعان: جمع المؤمنين وجمع الكافرين. والمنزل: الآيات والملائكة والنصر. وختم بصفة القدرة لأنه تعالى أدال المؤمنين أي نصرهم على قلتهم على الكافرين على كثرتهم ذلك اليوم.

{ إِذْ أَنتُمْ بِالْعُدْوَةِ ٱلدُّنْيَا } العدوة شط الوادي وتسمى شفيراً وضفّة سميت بذلك لأنها عدت ما في الوادي من ماء أي منعته أن يتجاوزه. قال الشاعر:
عدتني عن زيارتها العوادي   وحالت دونها حرب زبون
ويسمى الفضاء المساير للوادي عدوة للمجاوزة. وقرىء: بالعدوة بكسر العين وبضمّها. ومعنى الدنيا: القربى، والقصوى: البعدى. وثبوت الواو في القصوى شاذ في القياس فصيح في الاستعمال. والقياس القصيا بالياء وقد قاله بعض العرب لأن الفعلي من ذوات الواو تقلب ياء كالدنيا من الدنو والعليا من العلو والمدينة من الوادي من موضع الوقعة منه في الشرق وبينهما مرحلتان. وقرىء أسفل بالنصب منصوباً على الظرف وهو في موضع الخبر للمبتدأ قبله وأصله وصف لموصوف محذوف تقديره والركب مكاناً أسفل منكم أي في مكان. وقرىء: أسفل بالرفع اتسع في الظرف، فجعل خبراً للمبتدأ قبله وذلك ان العدوة القصوى التي أناخ بها المشركون كان فيها الماء وكانت أرضاً لا بأس بها ولا ماء بالعدوة الدنيا وهي الأرض اللينة التي تغوص فيها الأقدام ولا يمشي فيها إلا بتعب ومشقة وكانت العير وراء ظهور العدو مع كثرة عددهم.

{ وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي ٱلْمِيعَادِ } كان الإلِتقاء على غير ميعاد. قال مجاهد: أقبل أبو سفيان وأصحابه تجاراً من الشام ولم يشعروا بأصحاب محمد ولا بأصحاب بدر ولم يشعر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بكفار قريش ولا كفار قريش بمحمد وأصحابه حتى التقوا على ماء بدر لتستقي ركابهم فاقتتلوا فغلبهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وأسروهم.

السابقالتالي
2