الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّآ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { قَالَ يٰقَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } * { أَنِ ٱعبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ } * { يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لاَ يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً } * { فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَآئِيۤ إِلاَّ فِرَاراً } * { وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوۤاْ أَصَابِعَهُمْ فِيۤ آذَانِهِمْ وَٱسْتَغْشَوْاْ ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّواْ وَٱسْتَكْبَرُواْ ٱسْتِكْبَاراً } * { ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً } * { ثُمَّ إِنِّيۤ أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً } * { فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً } * { يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً } * { وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً } * { مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً } * { وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً } * { أَلَمْ تَرَوْاْ كَيْفَ خَلَقَ ٱللَّهُ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ طِبَاقاً } * { وَجَعَلَ ٱلْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ ٱلشَّمْسَ سِرَاجاً } * { وَٱللَّهُ أَنبَتَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ نَبَاتاً } * { ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً } * { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ بِسَاطاً } * { لِّتَسْلُكُواْ مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجاً } * { قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَٱتَّبَعُواْ مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَاراً } * { وَمَكَرُواْ مَكْراً كُبَّاراً } * { وَقَالُواْ لاَ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً } * { وَقَدْ أَضَلُّواْ كَثِيراً وَلاَ تَزِدِ ٱلظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلاَلاً } * { مِّمَّا خَطِيۤئَاتِهِمْ أُغْرِقُواْ فَأُدْخِلُواْ نَاراً فَلَمْ يَجِدُواْ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَنصَاراً } * { وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى ٱلأَرْضِ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ دَيَّاراً } * { إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوۤاْ إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً } * { رَّبِّ ٱغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ وَلاَ تَزِدِ ٱلظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَاراً }

{ بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ * إِنَّآ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ } الآية، هذه السورة مكية ومناسبتها لما قبلها أنه تعالى لما أقسم على أن يبدل خيراً منهم وكانوا قد سخروا من سخروا من المؤمنين وكذبوا بما وعدوا به من العذاب ذكر قصة نوح وقومه معه وكانوا أشد تمرداً من المشركين فأخذهم الله تعالى أخذ استئصال حتى أنه لم يبق لهم على وجه الأرض نسل وكانوا عباد أصنام كمشركي مكة فحذر تعالى قريشاً أن يصيبهم عذاب استئصال إن لم يؤمنوا ونوح عليه السلام أول نبي أرسل ويقال له شيخ المرسلين وآدم الثاني.

{ أَنْ أَنذِرْ } يجوز أن تكون مصدرية وأن تكون تفسيرية.

{ عَذَابٌ أَلِيمٌ } قال ابن عباس: عذاب النار في الآخرة.

{ مِّن ذُنُوبِكُمْ } من للتبعيض لأن الإِيمان إنما يجب ما قبله من الذنوب لا ما بعده.

قال ابن عطية: من في من ذنوبكم مزيدة وهو مذهب كوفي وأقول أخفشي لا كوفي لأنهم يشترطون أن يكون بعد من نكرة ولا يبالون بما قبلها من واجب أو غيره وجواب لو محذوف تقديره لو كنتم تعلمون لبادرتم إلى طاعته وتقواه ولما لم يجيبوه وآذوه شكا إلى ربه شكوى من يعلم أن الله تعالى عالم بحاله مع قومه لما أمر بالإِنذار فلم يجد فيهم.

{ قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي } أي جميع الأوقات من غير فتور ولا تعطيل في وقت فلم يزدادوا إلا إعراضاً ونفوراً عن الحق.

{ وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ } أي ليتوبوا فتغفر لهم ذكر المسبب الذي هو حظهم خالصاً ليكون أقبح في إعراضهم عنه.

{ جَعَلُوۤاْ أَصَابِعَهُمْ فِيۤ آذَانِهِمْ } الظاهر أنه حقيقة سدوا مسامعهم حتى لا يسمعوا ما دعاهم إليه وتغطوا بثيابهم حتى لا ينظروا إليه كراهة وبغضاً من سماع النصح ورؤية الناصح ويجوز أن يكون ذلك كناية عن المبالغة في إعراضهم عما دعاهم إليه فهم بمنزلة من سدّ مسمعه ومنع بصره ثم كرره صفة دعائه بياناً وتوكيد لما ذكر دعاءه عموم الأوقات ذكر عموم حالات الدعاء وكلما دعوتهم يدل على تكرر الدعوات فلم يبين حالة دعائه أولاً ظاهره أن يكون دعاؤه إسراراً لأنه يكون ألطف بهم ولعلهم يقبلون منه كحال من ينصح في السر فإِنه جدير أن يقبل منه فلما لم يجد له الإِسرار انتقل إلى أشد منه وهو دعاؤهم جهاراً صلتاً بالدعاء إلى الله تعالى لا يحاشى أحداً فلما لم يجد عاد إلى الإِعلان والإِسرار ومدراراً من الدر وهو صفة يستوي فيها المذكر والمؤنث ونصبها على الحال ومعناه كثيرة الدر.

{ لاَ تَرْجُونَ } لا تخافون والوقار بمعنى العظمة والسلطان والكلام على هذا وعيد وتخويف.

{ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً } جملة حالية تحمل على الإِيمان بالله تعالى وإفراده بالعبادة إذ في هذه الجملة الحالية التنبيه على تدريج الإِنسان في أطوار لا يمكن أن تكون إلا من خلقه تعالى.

السابقالتالي
2 3