الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ } * { وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَخْرِجُوهُمْ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } * { فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرِينَ } * { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَراً فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ } * { وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } * { وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجاً وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { وَإِن كَانَ طَآئِفَةٌ مِّنكُمْ آمَنُواْ بِٱلَّذِيۤ أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَآئِفَةٌ لَّمْ يْؤْمِنُواْ فَٱصْبِرُواْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ ٱللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ }

{ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِ } هذا بيان لقوله: أتأتون الفاحشة، وأتى هنا من قولهم: أتى المرأة، إذا غشيها، وهو استفهام على جهة الإِنكار والتوبيخ. وشهوة مصدر في موضع الحال أي مشتهين وإن كانت حالاً من الضمير في تأتون أو مشتهين ان كان حالاً من الرجال. ويجوز أن ينتصب مفعولاً من أجله أي للشهوة. وبل هنا للخروج من قصة إلى قصة تنبىءُ بأنهم متجاوزوا الحد في الاعتداء، وجاء هنا مسرفون باسم الفاعل ليدل على الثبوت ولموافقتها ما سبق من رؤوس الآي في ختمها بالأسماء. وجاء في النمل تجهلون بالمضارع لتجدد الجهل فيهم ولموافقة ما سبق من رؤوس الآي في ختمها بالأفعال.

{ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ } الآية الضمير المنصوب في أخرجوهم عائد على لوط ومن آمن به ولما تأخر نزول هذه السورة عن سورة النمل أضمر ما فسره الظاهر في النمل من قوله:أَخْرِجُوۤاْ آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ } [النمل: 56]، الآية، ويتطهرون قال ابن عباس ومجاهد: يتقذرون عن إتيان أدبار الرجال والنساء.

{ فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ } أي من العذاب الذي جعل بقومه وأهله وهم المؤمنون معه.

{ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ } فلم تنج واسمها واهلة كانت منافقة تسر الكفر موالية لأهل سدوم.

ومعنى: { مِنَ ٱلْغَابِرِينَ } من الذين بقوا في ديارهم فهلكوا. والجملة من قوله: كانت، تأكيد لما تضمنه الاستثناء من عدم نجاة امرأته.

{ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَراً } ضمّن أمطرنا معنى أرسلنا فلذلك عداه بعلى كقوله:فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } [الأنفال: 32]. والمطر هنا هي الحجارة وقد ذكرت في غير آية.

{ فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ } هذا خطاب للسامع قصتهم كيف كان مآل من أجرم، وفيه اتعاظ وازدجار أن تسلك هذه الأمة مسلكهم. والمجرمين عام في قوم نوح وهود وصالح ولوط وغيرهم. ومن نظر التفكر أو من نظر البصر فيمن بقيت له آثار منازل ومساكن كثمود وقوم لوط كما قال تعالى:وَعَاداً وَثَمُودَاْ } [الفرقان: 38]، وقد تبين لكم من مساكنهم وكيف خبر كان وعاقبة اسم كان، والجملة في موضع نصب لأن أنظر معلقة عنها.

{ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً } قال الفراء: مدين، اسم بلد وقطر. والجمهور على أن مدين اسم أعجمي، فإِن كان عربياً احتمل أن يكون فيْعلاً من مَدَن بالمكان أقام به وهو بناء نادر أو مفعلاً من دان فتصحيحه شاذ وكان قياسه مدان. وشعيب اسم عربي هو تصغير شِعْب أو شعب واختلف في نسب شعيب اختلافاً كثيراً ذكر ذلك في البحر المحيط. وشعيب قيل: هو ابن بنت لوط، وقيل: زوج بنته.

{ قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ } هذا دليل على أنه قد جاء بالمعجزة إذ كل نبي لا بد له من معجزة تدل على صدقه ولكنه لم يعين هنا ما المعجزة ولا من أي نوع هي.

السابقالتالي
2 3