الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِيۤ أَرْضِ ٱللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ ٱلْجِبَالَ بُيُوتاً فَٱذْكُرُوۤاْ آلآءَ ٱللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ } * { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُوۤاْ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ } * { قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ إِنَّا بِٱلَّذِيۤ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } * { فَعَقَرُواْ ٱلنَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَاصَالِحُ ٱئْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ } * { فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَٰقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ ٱلنَّٰصِحِينَ } * { وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن ٱلْعَالَمِينَ }

{ وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً } إسم القبيلة ثمود، سميت باسم أبيهم الأكبر وهو ثمود أخو جديس وهما أبناء جاثر بن أرم بن سام بن نوح، وكانت مساكنهم الحجر بين الحجاز والشام وإلى وادي القرى، وصالح عليه السلام هو صالح بن سالف بن كاشح بن ارم بن ثمود بن جاثر بن ارم بن سام بن نوح.

{ قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ } أي آية ظاهرة جليلة وشاهد على صحة نبوتي. فقوله: قد جاءتكم بينة من ربكم، كأنه جواب لقولهم: أئتنا ببينة تدل على صدقك وأنك مرسل إلينا. ومن ربكم متعلق بجاءتكم أو في موضع الصفة لبينة.

{ هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ آيَةً } لما أبهم في قوله: قد جاءتكم بينة من ربكم بيّن ما الآية فكأنه قيل: ما البينة! قال: هذه ناقة الله. وأضافها إلى الله تشريفاً وتخصيصاً نحو: بيت الله، وروح الله، ولكونه خلقها بلا واسطة ذكر وأنثى، ولأنه لا مالك لها غيره، ولأنها حجة على القوم. ولما أودع فيها من الآيات الآتي ذكرها في قصة قوم صالح ولكم بيان لمن هي له آية موجبة عليه الإِيمان وهم ثمود لأنهم عاينوها وسائر الناس أخبروا عنها كأنه قال لكم خصوصاً. وانتصب آية على الحال والعامل فيها على ما نختاره فعل محذوف تقديره انظروا إليها في حال كونه آية.

{ فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِيۤ أَرْضِ ٱللَّهِ } لما أضاف الناقة إلى الله تعالى أضاف محل رعيها إليه تعالى إذ الأرض وما أنبت فيها ملكه تعالى.

{ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ } الآية نهاهم عن مسها بشىء من الأذى وهذا تنبيه بالأدنى على الأعلى، إذ كان قد نهاهم عن مسها بسوء إكراماً لآية الله تعالى فنهيه عن نحرها وعقرها ومنعها من الماء والكلأ أولى وأحرى، والمس والأخذ هنا استعارة وهذا وعيد شديد لمن يمسها بسوء. والعذاب الأليم هو ما حل بهم إذ عقروها وما أعد لهم في الآخرة. وقوله تعالى: { فَيَأْخُذَكُمْ } جواب للنهي والناصب للفعل انْ مضمرة بعد الفاء.

{ وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ عَادٍ } ذكر صالح قومه نعماً خاصة وهي جعلهم خلفاء بعد الأمة التي سبقتهم.

{ وَبَوَّأَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ } أي أنزلكم بها وأسكنكم إياها. والمباءة: المنزل في الأرض وهو من باء أي رجع.

{ تَتَّخِذُونَ } جملة حالية العامل فيها بوأكم ومعناه تعملون كقوله تعالى:كَمَثَلِ ٱلْعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتْ بَيْتاً } [العنكبوت: 41]. فتعدى اتخذ لمفعول واحد.

{ وَتَنْحِتُونَ ٱلْجِبَالَ بُيُوتاً } النحت النجر والنشر في الشىء الصلب كالحجر والخشب وغير ذلك. وقال الشاعر:
أما النهار ففي قيد وسلسلة   والليل في بطن منحوت من الساج
وانتصب بيوتاً على أنه حال مقدرة لأنها وقت النحت لم تكن بيوتاً بل صارت بيوتاً بعد ذلك كقولك: خط لي هذا قباء.

السابقالتالي
2 3 4