الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَهُوَ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّىٰ إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ ٱلْمَآءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ كَذٰلِكَ نُخْرِجُ ٱلْموْتَىٰ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } * { وَٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَٱلَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ } * { لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { قَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { قَالَ يَٰقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَـٰلَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } * { أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }

{ وَهُوَ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } لما ذكر الدلائل على كمال ألوهيته وقدرته وعلمه من العالم العلوي اتبعها بالدلائل على أحوال العالم السفلي وجعل الخبر موصولاً في أن ربكم الله الذي خلق وفي قوله: وهو الذي، دلالة على كون ذلك معهوداً عند السامع مفروغاً من تحقق النسبة فيه والعلم به, ولم يأت التركيب أن ربكم خلق ولا هو يرسل الرياح. نشراً جمع نشور كصبور وصبر. وقرىء: نشراً بإِسكان الشين تخفيفاً من الضم كرسل ورسل ونشراً مصدر نشر وبشرى والألف للتأنيث وهو مصدر بشر كرجعى ومعنى بين يدي رحمته أي أمام نعمته وهو المطر الذي هو من أجل النعم وأحسنها أثراً والتعبير عن امام الرحمة بقوله: بين يدي رحمته من مجاز الاستعارة إذ الحقيقة هو ما بين يدي الإِنسان من الاجرام.

{ حَتَّىٰ إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً } هذه غاية لإِرسال الرياح، والمعنى أنه تعالى يرسل الرياح مبشرات أو مبتشرات إلى سوق السحاب وقت إقلاله إلى بلد ميت. والسحاب إسم جنس بينه وبين مفرده تاء التأنيث فيذكر كقوله تعالى:وَٱلسَّحَابِ ٱلْمُسَخَّرِ } [البقرة: 164]، ويؤنث ويوصف ويخبر عنه بالجمع كقوله تعالى: { ثِقَالاً } ، وثقله بالماء الذي فيه، ونسب السوق إليه تعالى بنون العظمة التفاتاً إذ فيه خروج من ضمير الغيبة في رحمته إلى ضمير المتكلم في سقناه ولما فيه من عظيم المنة وجليل النعمة ذكر الضمير في سقناه رعياً للفظه كما قلنا أنه يذكر. واللام في لبلد لام التبليغ كقولك: قلت لك. وقال الزمخشري: لأجل بلد، فجعل اللام لام العلة ولا يظهر وفرق بين قولك: سقت لك مالاً وسقت لأجلك مالاً، فإِن الأول معناه أوصلته لك وأبلغتك هو، والثاني لا يلزم منه وصوله إليه بل قد يكون الذي وصل له المال غير الذي علل به السوق. ألا ترى صحة قول القائل: لأجل زيد سقت لك مالك. ووصف البلد بالموت استعارة حسنة لجدْبه وعدم نباته كأنه من حيث عدم الانتفاع به كالجسد الذي لا روح فيه.

{ فَأَنْزَلْنَا بِهِ ٱلْمَآءَ } الظاهر أن الباء ظرفية، والضمير عائد على بلد ميت أي فأنزلنا فيه الماء وهو أقرب مذكور فحسن عوده إليه.

{ فَأَخْرَجْنَا بِهِ } أي بالماء.

{ مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ } ظاهره العموم.

{ كَذٰلِكَ نُخْرِجُ ٱلْموْتَىٰ } أي مثل هذا الإِخراج وهو إخراج النبات نخرج الموتى من قبورهم أحياء إلى الحشر.

{ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } بإِخراج الثمرات وإنشائها خروجكم للبعث إذاً لإِخراجان سواء فهذا الإِخراج المشاهد نظيره الإِخراج الموعود به.

{ وَٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ } الطيب: الجيد التربة الكريم الأرض.

{ وَٱلَّذِي خَبُثَ } المكان السبخ الذي لا ينبت ما ينتفع به وهو الرديء من الأرض. ولما قال: فأخرجنا به من كل الثمرات، تم هذا المعنى بكيفية ما يخرج من النبات من الأرض الكريمة والأرض السبخة.

السابقالتالي
2 3