الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يُغْشِي ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } * { ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ } * { وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَٱدْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ ٱلْمُحْسِنِينَ }

{ إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ } الآية، لما ذكر تعالى أشياء من مبتدأ خلق الإِنسان وانقسامهم إلى مؤمن وكافر ومعادهم وحشرهم إلى جنة ونار، ذكر مبدأ العالم واختراعه، ثم بعد إلى النبوة والرسالة إذ مدار القرآن على تقدير المسائل الأربع التوحيد والقدرة والمعاد والنبوة وربكم خطاب عام للمؤمن والكافر.

{ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: " أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: خلق الله عز وجل التربة يوم السبت، وخلق الجبال فيها يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاث، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات يوم الجمعة فيما بين العصر إلى الليل، وأما استواؤه تعالى على العرش فحمله على ظاهره من الاستقرار بذاته على العرش قوم تعالى الله عما يقول الظالمون والجاحدون علواً كبيراً " والجمهور من السلف السفيانان ومالك والأوزاعي والليث وابن المبارك وغيرهم في أحاديث الصفات على الإِيمان بها وإمرارها على ما أراد الله تعالى من غير تعيين مراد وقوم تأولوا ذلك على عدة تأويلات ومسألة الإِستواء مذكورة في علم أصول الدين والعرش السقف وكل ما علا وأظل فهو عرش.

{ يُغْشِي ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً } التغشية: التغطية، والمعنى أنه يذهب الليل نور النهار فالليل للسكون والنهار للحركات وفحوى الكلام يدل على أن النهار يغشيه الله الليل وهما مفعولان لأن التضعيف والهمزة يعدّيان. وقرىء: بالتضعيف والهمز وقرأ حميد بن قيس يَغشى الليل بفتح الياء وسكون الغين وفتح الشين وضم اللام، كذا قال عنه أبو عمرو الداني. وقال أبو الفتح بن جني عن حميد بنصب الليل ورفع النهار. قال ابن عطية: وأبو الفتح أثبت. هذا الذي قاله من أن أبا الفتح أثبت كلام لا يصح إذ رتبه أبي عمرو الداني في القراءات ومعرفتها وضبط رواياتها واختصاصه بذلك بالمكان الذي لا يدانيه أحد من أئمة القراء فضلاً عن النحاة الذين ليسوا مقرئين ولا رووا القرآن عن أحد ولا روى عنهم القرآن أحد هذا مع الديانة الزائدة والتثبت في النقل وعدم التجاسر ووفور الحظ من العربية فقد رأيت له كتاباً في كلا وكلتا، وكتاباً في إدغام أبي عمر والكبير دلا على إطلاعه على ما لا يكاد يطلع عليه أئمة النحاة ولا المقرئين إلى سائر تصانيفه والذي نقله أبو عمر الداني عن حميد أمكن من حيث المعنى لأن ذلك موافق لقراءة الجماعة إذ الليل في قراآتهم وإن كان منصوباً هو الفاعل من حيث المعنى إذ همزة النقل والتضعيف صيراه مفعولاً ولا يجوز أن يكون مفعولاً ثانياً من حيث المعنى لأن المنصوبين تعدى إليهما الفعل، وأحدهما فاعل من حيث المعنى فيلزم أن يكون الأول منهما كما لزم ذلك في ملكت زيداً عمراً إذ رتبه التقديم هي الموضحة أنه الفاعل من حيث المعنى ذلك في ضرب موسى عيسى يطلبه حثيثاً الجملة من يطلبه حال من الفاعل من حيث المعنى وهو الليل إذ هو المحدث عنه قبل التعدية وتقديره حاثاً ويجوز أن يكون حالاً من النهار وتقديره محثوثاً.

السابقالتالي
2 3