الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَآءَ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَآ أَغْنَىٰ عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ } * { أَهَـۤؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ ٱللَّهُ بِرَحْمَةٍ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ } * { وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } * { ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا فَٱلْيَوْمَ نَنسَـٰهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَـٰذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَٰتِنَا يَجْحَدُونَ } * { وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ ٱلَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَآءَ فَيَشْفَعُواْ لَنَآ أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }

{ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ } الضمير في ابصارهم عائد على رجال الاعراف يسلمون على أهل الجنة وإذا نظروا إلى أهل النار دعوا الله تعالى في التخلص منها، قاله ابن عباس وجماعة. وفي قوله: صرفت أبصارهم، دليل على أن أكثر أحوالهم النظر إلى تلقاء أصحاب الجنة وأن نظرهم إلى أصحاب النار هو بكونهم صرفت أبصارهم تلقاءهم فليس الصرف من قبلهم بل هم محمولون عليه مفعول بهم ذلك لأن ذلك المطلع مخوف من سماعه فضلاً عن رؤيته فضلاً عن التلبس به، والمعنى أنهم إذا حملوا على صرف أبصارهم ورأوا ما هم عليه من العذاب استغاثوا بربهم من أن لا يجعلهم معهم. ولفظة ربنا مشعرة بوصفه تعالى بأنه مصلحهم وسيدهم وهم عبيده فبالدعاء به طلب رحمته واستعطاف كرمه وتلقاء تفعال من اللقاء استعمل ظرف مكان، تقول: زيد تلقاء عمرو أي مكان لقائه وجهته.

{ وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلأَعْرَافِ رِجَالاً } الآية هذا النداء، وأولئك الرجال في النار، ومعرفتهم إياهم في الدنيا بعلامات.

{ مَآ أَغْنَىٰ عَنكُمْ جَمْعُكُمْ } في الدنيا المال والولد والاجناد والحجاب والجيوش. وما أغنى استفهام توبيخ وتقريع، وما في ما أغنى يجوز أن تكون نافية، وما في وما كنتم مصدرية أي وكونكم تستكبرون. وقرأت فرقة تستكثرون بالثاء المثلثة من الكثرة.

{ وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ } الآية هذا يقتضي سماع كل من الفريقين كلام الآخر وهذا جائز عقلاً على بعد المسافة بينهما من العلو والسفل وجائز أن يكون ذلك مع رؤية واطلاع من الله تعالى وذلك أخزى وأنكى للكفار. وجائز أن يكون ذلك وبينهم الحجاب والسور. وعن ابن عباس: أنه لما صار أصحاب الأعراف إلى الجنة طمع أهل النار في الفرج بعد اليأس فقالوا: يا رب لنا قرابات من أهل الجنة فأذن لنا حتى نراهم ونكلمهم فنظروا إليهم وإلى ما هم فيه من النعيم فعرفوهم، ونظر أهل الجنة إلى قراباتهم من أهل النار فلم يعرفوهم قد اسودت وجوههم وصاروا خلقاً آخر، فنادى أصحاب النار أصحاب الجنة بأسمائهم وأخبروهم بقراباتهم فينادي الرجل أخوه فيقول: يا أخي قد احترقت فأغثني، فيقول: الله حرمهما على الكافرين، ويحتمل انّ انْ تكون مصدرية ومفسرة. وكلام ابن عباس يدل على أن هذا النداء كان عن رجاء وطمع في حصول ذلك، وقيل: هو مع اليأس لأنهم قد علموا دوام عقابهم وأنهم لا يفتر عنهم ولكن اليائس من الشىء قد يطلبه كما يقال في المثل: الغريق يتعلق بالزبد وان علم أنه لا يغنيه.

و { أَفِيضُواْ } أمكن من اسقونا لأنها تقتضي التوسعة كما يقال: أفاض الله عليه نعمة، أي وسعها. وسؤالهم الماء لشدة التهابهم واحتراقهم ولأن من عادته إطفاء النار.

السابقالتالي
2