الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } * { قَالَ ٱخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ } * { ويَآءَادَمُ ٱسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } * { فَوَسْوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ ٱلْخَالِدِينَ } * { وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّاصِحِينَ } * { فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا ٱلشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَآ أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا ٱلشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَآ إِنَّ ٱلشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌ مُّبِينٌ } * { قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } * { قَالَ ٱهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ } * { قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ }

{ ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ } الظاهر أن إتيانه من هذه الجهات الأربع كناية عن وسوسته وإغوائه له والجد في إضلاله من كل وجه ممكن، ولما كانت هذه الجهات يأتي منها العدو غالباً ذكرها، لا انه يأتي من الجهات الأربع حقيقة وغاير في حرف الجر الذي هو من وعن، لأنه لو كان الكل بمن أو بعن لكان في تكرار ذلك قلق في التركيب.

{ مَذْءُوماً } يقال: ذأمه يذأمُه ذأْماً، بسكون الهمزة، ويجوز إبدالها ألفاً.

{ مَّدْحُوراً } يقال: دحره أبعده وأقصاه دحوراً. قال الشاعر:
دَهَرتُ بني الحُصيب إلى قديد   وقد كانوا ذوي أشر وفخر
وهذه ثلاث أوامر أمر بالهبوط مطلقاً وأمر بالخروج مخبراً أنه ذو صغار وأمر بالخروج مقيداً بالذم والطرد.

{ لَّمَن تَبِعَكَ } منهم قرأ الجمهور لمن بفتح اللام، والظاهر أنها اللام الموطئة للقسم، ومن: شرطية في موضع رفع على الابتداء، وجواب الشرط محذوف يدل عليه جواب القسم المحذوف قبل اللام الموطئة. ويجوز أن تكون اللام لام الابتداء. ومن: موصولة. ولأملأن: جواب قسم محذوف بعد من تبعك وذلك القسم المحذوف وجوابه في موضع خبر من الموصولة. وقرأ الجحدري وعصمة عن أبي بكر عن عاصم لمن تبعك بكسر اللام، واختلفوا في تخريجها. قال ابن عطية: المعنى لأجل من تبعك منهم لأملأن. " انتهى ". ظاهر هذا التقدير أن اللام تتعلق بلأملأن. ويمتنع ذلك على قول الجمهور وإن ما بعد لام القسم لا يعمل فيما قبلها. قال الزمخشري: يعني لمن تبعك منهم الوعيد وهو قوله: لأملأن جهنم منكم أجمعين على أن لأملأن في محل الابتداء، ولمن تبعك خبره. " انتهى ". إن أراد ظاهر كلامه فهو خطأ على مذهب البصريين لأن قوله: لأملأن جملة هي جواب قسم محذوف لمن حيث كونها جملة فقط لا يجوز أن تكون مبتدأة، ومن حيث كونها جواباً للقسم المحذوف يمتنع أيضاً لأنه إذا ذاك من هذه الحيثية لا موضع لها من الإِعراب، ومن حيث كونها مبتدأ، لها موضع من الإِعراب. ولا يجوز أن تكون الجملة لها موضع من الإِعراب ولا موضع لها بحال لأنه يلزم أن تكون في موضع رفع لا في موضع رفع داخلاً عليها عامل غير داخل عليها عامل ذلك لا يتصور.

و { وَيَآءَادَمُ ٱسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ } أي وقلنا يا آدم. وتقدم تفسيرها في البقرة، إلا أن هنا فكلا من حيث شئتم، وفي البقرةوَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً } [الآية: 35]. قالوا وجاءت على أحد محاملها وهي أن يكون الثاني بعد الأول وحذف رغداً هنا على سبيل الاختصار وأثبت هناك لأن تلك مدنية وهذه مكية فوفى المعنى هناك باللفظ.

{ فَوَسْوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيْطَانُ } أي فعل الوسوسة لأجلهما، وأما قوله: فوسوس إليه، فمعناه ألقي الوسوسة إليه.

السابقالتالي
2