الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَٱدْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ } * { إِنَّ وَلِيِّـيَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّالِحِينَ } * { وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلاۤ أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ } * { وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى ٱلْهُدَىٰ لاَ يَسْمَعُواْ وَتَرَٰهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ }

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } الآية، هذه الجملة على سبيل التوكيد لما قبلها في انتفاء كون هذه الأصنام قادرة على شىء من نفع أو ضر أي ان الذين تدعونهم وتسمونهم آلهة من دون الله الذي أوجدها وأوجدكم هم عباد. وسمى الأصنام عباداً وإن كانت جمادات لأنهم كانوا يعتقدون أنها تضر وتنفع. وقال الزمخشري: عباد أمثالكم استهزاء بهم أي قصارى أمرهم أن يكونوا أحياء عقلاء فإِن ثبت ذلك فهم عباد أمثالكم لا تفاضل بينكم، ثم أبطل أن يكونوا عباداً أمثالكم فقال: ألهم أرجل يمشون بها. " انتهى ". وليس كما زعم لأنه تعالى حكم على هؤلاء المدعون من دون الله أنهم عباد أمثال الداعين. فلا يقال: في الخبر من الله تعالى فإِن ثبت ذلك لأنه ثابت، ولا يصح أن يقال: ثم أبطل أن يكونوا عباداً أمثالكم، فقال: ألهم أرجل، لأن قوله: ألهم أرجل ليس إبطالاً لقوله: عباد أمثالكم، لأن المثلية ثابتة أما في انهم مخلوقون أو في انهم مملوكون مقهورون وإنما ذلك تحقير لشأن الأصنام وإنهم دونكم في انتفاء الآلات التي أعدت للإِنتفاع بها مع ثبوت كونهم أمثالكم فيما ذكر ولا يدل إنكار هذه الآلات على انتفاء المثلية فيما ذكر، وأيضاً فالابطال لا يتصور بالنسبة إليه تعالى لأنه يدل على كذب أحد الخبرين وذلك مستحيل بالنسبة إلى الله تعالى. قرأ سعيد بن جبير أن خفيفة، وعبادا أمثالكم بنصب الدال واللام. واتفق المفسرون على تخريج هذه القراءة على أنّ إنْ هي النافية أعملت عمل ما الحجازية فرفعت الإِسم ونصبت الخبر فعباداً أمثالكم خبر منصوب قالوا: والمعنى بهذه القراءة تحقير شأن الأصنام ونفي مماثلتهم للبشر بل هم أقل وأحقر إذ هي جمادات لا تفهم ولا تعقل وأعمال ان اعمال ما الحجازية فيه خلاف، أجاز ذلك الكسائي، وأكثر الكوفيين، ومن البصريين ابن السراج والفارسي وابن جني، ومنع من أعمالها الفراء، وأكثر البصريين، واختلف النقل عن سيبويه والمبرد. والصحيح أن اعمالها لغة ثبت ذلك في النثر والنظم وقد ذكرنا ذلك مشبعاً في شرح التسهيل. وقال النحاس: هذه قراءة لا ينبغي أن يقرأ بها لثلاث جهات إحداها أنها مخالفة للسواد الثانية أن سيبويه يختار الرفع في خبر أنْ إذا كانت بمعنى ما فيقول ان نريد منطلق لأن عمل ما ضعيف وان بمعناها فتكون أضعف منها، والثالثة أن الكسائي رأى أنها في كلام العرب لا تكون بمعنى ما إلا أن يكون بعدها أيجلب. " انتهى ". وكلام النحاس هذا هو الذي لا يجوز ولا لينبغي لأنها قراءة مروية عن تابعي جليل ولها وجه في العربية، وأما ثلاث الجهات التي ذكرها فلا يقدح شىء منها في هذه القراءة، أما كونها مخالفة للسواد فهو خلاف يسير جداً لا يضر، ولعله كتب المنصوب على لغة ربيعة في الوقف على المنون المنصوب بغير ألف فلا يكون فيه مخالفة للسواد.

السابقالتالي
2 3