الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَللَّهِ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ فَٱدْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيۤ أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { وَمِمَّنْ خَلَقْنَآ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِٱلْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ } * { وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ } * { أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِمْ مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } * { أَوَلَمْ يَنْظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَىۤ أَن يَكُونَ قَدِ ٱقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ } * { مَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }

{ وَللَّهِ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ } الآية قال مقاتل: دعا رجل الله تعالى في صلاته ومرة دعا الرحمن. فقال أبو جهل: أليس يزعم محمد وأصحابه أنهم يعبدون رباً واحداً فما بال هذا يدعو اثنين فنزلت. ومناسبتها لما قبلها أنه تعالى لما ذكر أنه ذرأ كثيراً من الإِنس والجن للنار ذكر نوعاً منهم وهم الذين يلحدون في أسمائه وهم أشد الكفار عتياً أبو جهل وأضرابه. والحسنى هنا تأنيث الأحسن ووصف الجمع المكسر الذي لا يعقل بما وصف به الواحد كقوله تعالى:وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ } [طه: 18]، وهو فصيح ولو جاء على المطابقة للجمع لكان التركيب الحسن على وزن الآخر كقوله تعالى:فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } [البقرة: 184] لأن جمع ما لا يعقل يخبر عنه ويوصف بجمع المؤنثات وإن كان المفرد مذكراً. قال ابن عطية: والأسماء هنا بمعنى التسميات إجماعاً من المتأولين لا يمكن غيره. " انتهى ". ولا تحرير فيما قال لأن التسمية مصدر والمراد هنا الألفاظ التي تطلق على الله تعالى وهي الأوصاف الدالة على تغاير الصفات لا تغاير الموصوف كما تقول: جاء زيد الفقيه الشجاع الكريم، وكون الاسم الذي أمر تعالى أن يدعي به حسناً هو ما قدره الشرع ونص عليه في إطلاقه على الله تعالى. ومعنى فادعوه بها، أي نادوه بها كقوله: يا الله، يا رحمن، يا رحيم، يا مالك، وما أشبه ذلك. يقال: لحد وألحد بمعنى واحد لغتان وهو العدول عن الحق والإِدخال فيه ما ليس منه. قال ابن السكيت: ومعنى يلحدون في أسمائه أي يقولون بجهلهم يا أبا المكارم يا أبيض الوجه يا سخي وغير ذلك من الأسماء التي لم يثبت في الشرع إطلاقها على الله تعالى.

و { سَيُجْزَوْنَ } وعيد شديد.

واندرج على قوله:

{ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } الإِلحاد في أسمائه وسائر أفعالهم القبيحة.

{ وَمِمَّنْ خَلَقْنَآ أُمَّةٌ } الآية لما ذكر تعالى من ذرأه للنار ذكر مقابلهم وفي لفظة وممن دلالة على التبعيض وان المعظم من المخلوقين ليسوا هداة إلى الحق ولا عاد ليمن به.

{ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ } قال أبو عبيدة: الاستدراج، أن تدرج إلى الشىء في خفية قليلاً قليلاً ولا تهجم عليه وأصله من الدرجة وذلك أن الرامي والنازل يرقى وينزل مرقاة مرقاة، ومنه درج الكتاب طواه شيئاً بعد شىء، ودرج القوم ماتوا بعضهم في أثر بعض.

{ مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ } قيل: بالاستدراج أو بالهلاك. وقال الأعشى في الاستدرج:
فلو كنت في جب ثمانين قامة   ورقيت أسباب السماء بسلم
ليستدرجنك القول حتى تهزه   وتعلم أني عنكم غير فهم
{ وَأُمْلِي لَهُمْ } معطوف على سنستدرجهم فهو داخل في الاستقبال وهو خروج من ضمير المتكلم بنون العظمة إلى ضمير تكلم المفرد والمعنى أؤخره حلاوة من الدهر أي مدة فيها طول.

السابقالتالي
2 3