الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱكْتُبْ لَنَا فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي ٱلآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـآ إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِيۤ أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَآءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَـاةَ وَٱلَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ } * { ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلأُمِّيَّ ٱلَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ ٱلْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَٱلأَغْلاَلَ ٱلَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِيۤ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ٱلنَّبِيِّ ٱلأُمِّيِّ ٱلَّذِي يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَٱتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }

{ وَٱكْتُبْ لَنَا فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً } أي ما يحسن من نعمة وطاعة وغير ذلك وحسنة الآخرة هي الجنة لا حسنة دونها.

{ إِنَّا هُدْنَـآ إِلَيْكَ } تعليل لطلب الغفران والرحمة. وقرأ الجمهور هدنا بضم الهاء من هاد يهود أي تبنا إليك، قاله ابن عباس: وقرأ زيد بن علي وأبو وجزة هدنا بكسر الهاء من هاد يهيد، إذا حرّك أي حركنا أنفسنا وجذبناها لطاعتك. قال الشاعر:
قد علمت سلمى وجاراتها   أنى من الله لها هائد
أي مائل.

{ قَالَ عَذَابِيۤ أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَآءُ } الظاهر أنه استئناف اخبار عن عذابه ورحمته. ومفعول من أشاء محذوف تقديره أشاء إصابته به. وقرأ زيد بن علي والحسن وطاووس وعمرو بن فائد من أساء من الإِساءة وقرأ بها سفيان بن عيينة مرة واستحسنها وذكر أنّ الشافعي رحمه الله صحّف من أشاء بقوله: من أساء، ثم وجدت قراءة كما ذكرنا.

{ فَسَأَكْتُبُهَا } أي أقضيها وأقررها. والضمير عائد على الرحمة لأنها أقرب مذكور. وفهم المفسرون من قوله: الذين يتقون إلى آخر الأوصاف أن المتصفين بذلك هم أمة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

{ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ } الآية هذا من بقية خطابه تعالى لموسى عليه السلام وفيه تبشير له ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم وذكر لصفاته وإعلام له أيضاً أنه ينزل كتاباً يسمى الإِنجيل ومعنى الاتباع الاقتداء به فيما جاء به اعتقاداً وقولاً وفعلاً. وجمع هنا بين الرسالة والنبوة لأن الرسالة في بني آدم أعظم شرفاً من النبوة أو لأنها بالنسبة إلى الآدمي والملك أعم فبدأ به. والأمي الذي هو على صفة أمة العرب إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب. فأكثر العرب لا يكتب ولا يقرأ، وكونه عليه السلام أمياً من جملة المعجز. ومعنى يجدونه أي يجدون وصفه ونعته. قال ابن عباس: يأمرهم بالمعروف، أي بخلع الأنداد وبمكارم والأخلاق وصلة الرحم.

{ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَاتِ } أي المستلذات ويبعد تفسيره هنا بالحلال.

{ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ ٱلْخَبَآئِثَ } وهي ما كانت العرب تستخبثه كالحية والعقرب والحشرات والدم والميتة ولحم الخنزير وما جاء في الشرع النهي عن أكله كذي مخلب من الطير وذي ناب من السباع وما أمر بقتله كالحدأة والغراب والفأرة والعقرب وغير ذلك.

{ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ } تقدم تفسير الإِصْر في آخر البقرة.

{ وَٱلأَغْلاَلَ ٱلَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ } هذا مثل لما كلفوا من الأمور الصعبة كقطع موضع النجاسة من الجلد والثوب وإحراق الغنائم والقصاص حتماً من القاتل عمداً كان أو خطأً وترك الاشتغال يوم السبت وتحريم العروق في اللحم.

{ فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ } أي أثنوا عليه ومدحوه. وقرىء وعزروه بالتخفيف. وقرىء: بزايين أي وعززوه. والنور القرآن، وهو على حذف مضاف أي أنزل مع نبوته لأن استنباءه كان مصحوباً بالقرآن مشفوعاً به.

السابقالتالي
2