الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَىٰ لأَخِيهِ هَارُونَ ٱخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { وَلَمَّا جَآءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِيۤ أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـٰكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَىٰ صَعِقاً فَلَمَّآ أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

{ وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلاَثِينَ لَيْلَةً } روي أن موسى عليه السلام وعد بني إسرائيل وهو بمصر ان أهلك الله عدوهم أتاهم بكتاب من عند الله فيه بيان ما يأتون وما يذرون، فلما هلك فرعون سأل موسى ربه تعالى الكتاب فأمره بصوم ثلاثين يوماً وهو شهر ذي القعدة. وانتصب ثلاثين على أنه مفعول ثان على حذف مضاف فقدره أبو البقاء إتيان ثلاثين أو تمام ثلاثين. وقال ابن عطية: وثلاثين نصب على تقدير أجّلناه أو مناجاة ثلاثين وليست منتصبة على الظرف لأن المواعدة لم تقع في الثلاثين، والضمير في وأتممناها عائد على المواعدة المفهومة من واعدنا. وقال الحوفي: الهاء والألف نصب بأتممناها وهما راجعتان إلى ثلاثين. " انتهى ". ولا يظهر لأن الثلاثين لم تكن ناقصة فتممت بعشر وحذف مميز عشر، أي بعشر ليال لدلالة ما قبله عليه وفي مصحف أبي وتممناها حشدوا والميقات ما وقت له من الوقت وضربه له وجاء بلفظ ربه ولم يأت على واعدنا فكان يكون التركيب فتم ميقاتنا لأن لفظ ربه دال على أنه مصلحة وناظر في أمره ومالكه والمتصرف فيه. والفرق بين الميقات والوقت أن الميقات ما قدر فيه عمل من الأعمال، والوقت وقت الشىء. وانتصب أربعين على الحال، قاله الزمخشري وابن عطية.

وقدر الزمخشري الحال فيه فقال: أي تم بالغاً هذا العدد، فعلى هذا لا يكون الحال أربعين بل الحال هذا المحذوف فينا في قوله: وأربعين ليلة نصب على الحال. وقال ابن عطية أيضاً: ويصح أن يكون أربعين ظرفاً من حيث هي عدد أزمنة، وقيل: أربعين مفعول به بتم لأن معناه بلغ والذي يظهر أنه تمييز منقول من الفاعل وأصله ختم أربعون ميقات ربه أي كملت. ثم أسند التمام لميقات وانتصب أربعون على التمييز.

{ وَقَالَ مُوسَىٰ لأَخِيهِ هَارُونَ } الآية قرىء. شاذا هارون بالضم على النداء أي يا هارون أمره حين أراد المضي للمناجاة والمغيب فيها أن يكون خليفته في قومه وأن يصلح في نفسه أو ما يجب أن يصلح من أمر قومه ونهاه أن يتبع سبيل من أفسده. وفي النهي دليل على وجود المفسدين، ولذلك نهاه عن اتباع سبيلهم وأمره إياه بالإِصلاح ونهيه عن اتباع سبيل المفسدين هو على سبيل التأكيد لا لتوهم أنه يقع منه خلاف الإِصلاح، واتباع تلك السبيل لأن منصب النبوة منزه عن ذلك. ومعنى أخلفني استبدّ بالأمر وذلك في حياته إذ راح إلى مناجاة ربه، وليس المعنى أنك تكون خليفتي بعد موتي ألا ترى أن هارون مات قبل موسى.

{ وَلَمَّا جَآءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا } الآية أي للوقت الذي ضربه له أي لتمام الأربعين كما تقول: أتيته لعشر خلون من الشهر.

السابقالتالي
2