الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَـٰذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي ٱلْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَآ أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } * { لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ } * { قَالُوۤاْ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ } * { وَمَا تَنقِمُ مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَآءَتْنَا رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ } * { وَقَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَآءَهُمْ وَنَسْتَحْيِـي نِسَآءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ } * { قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ ٱسْتَعِينُوا بِٱللَّهِ وَٱصْبِرُوۤاْ إِنَّ ٱلأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَٱلْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } * { قَالُوۤاْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ } * { وَلَقَدْ أَخَذْنَآ آلَ فِرْعَونَ بِٱلسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن ٱلثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } * { فَإِذَا جَآءَتْهُمُ ٱلْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَـٰذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَلاۤ إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }

{ قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُمْ بِهِ } قرىء: آمنتم على الخبر، وأآمنتم على الاستفهام، والضمير في به عائد على رب العالمين.

و { قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ } فيه وهن على أمره لأنه إنما جعل ذنبهم بمفارقة الاذن ولم يجعله نفس الإِيمان.

{ إِنَّ هَـٰذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ } أي إنّ صنعكم هذا لحيلة احتلتموها أنتم وموسى في مصر قبل أن تخرجوا منها إلى هذه الصحراء وتواطأتم على ذلك لغرض لكم وهو أن تخرجوا منها القبط وتسكنوا بني إسرائيل. قال: هذا تمويهاً على الناس لئلا يتبعوا السحرة في الإِيمان. روي عن ابن مسعود وابن عباس أن موسى عليه السلام اجتمع مع رئيس السحرة شمعون فقال له موسى: أرأيت أن غلبتكم أتؤمنون بي؟ فقال له: نعم، فعلم بذلك فرعون فقال ما قال. " انتهى ". ولما خاف فرعون أن يكون إيمان السحرة حجة قومه ألقى في الحال نوعين من الشبهة أحدهما أن هذا تواطؤ منهم لا ان ما جاء به حق، والثاني أن ذلك طلب منهم للملك.

{ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } تهديد ووعيد ومفعول تعلمون محذوف أي ما يحل بكم أيهم في متعلق تعلمون، ثم عيّن ما يفعله بهم فقال مقسماً.

{ لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ } لما ظهرت الحجة عاد إلى عادة ملوك السوء إذا غلبوا من تعذيب من ناوأهم وإن كان محقاً ومعنى من خلاف أي يد يمنى ورجل يسرى وهذا التوعد الذي توعده فرعون السحرة ليس في القرآن نص أنه أنفذه وأوقعه.

{ قَالُوۤاْ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ } هذا تسليم واتكال على الله تعالى وثقة بما عنده والمعنى إنا نرجع إلى ثواب ربنا يوم الجزاء على ما نلقاه من الشدائد.

{ وَمَا تَنقِمُ مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا } الآية، والذي يظهر من تعديته بمن أن المعنى وما تنقم منا أي ما تنال منا كقوله:فَيَنْتَقِمُ ٱللَّهُ مِنْهُ } [المائدة: 95]، أي يناله بمكروه ويكون فعل وافتعل فيه بمعنى واحد كقدر. واقتدر وعلى هذا يكون قوله: إلا أن آمنا، مفعولاً من أجله استثناء مفرغاً أي ما تنال منا وتعذبنا بشىء من الأشياء إلا لأن آمنا بآيات ربنا، وعلى هذا المعنى يدل على تفسير عطاء أي ما لنا عندك ذنب تعذبنا عليه إلا أن آمنا.

{ رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً } تقدم الكلام عليه في البقرة.

{ وَقَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ } تضمن قول الملأ إغراء فرعون بموسى وقومه وتحريضه على قتلهم أو تعذيبهم حتى لا يكون لهم خروج عن دين فرعون.

{ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ } عطفاً على ليفسدوا أي للإِفساد ولتركك وترك آلهتك وكان الترك هو لذلك، وبدأوا أولاً بالعلة العامة وهي الإِفساد، ثم أتبعوه بالخاصة ليدلوا على أن ذلك الترك من فرعون لموسى وقومه هو أيضاً يؤول إلى شىء يختص بفرعون قدحوا بذلك زَنْدَ تغيظه على موسى وقومه ليكون ذلك أبقى عليهم إذ هم الاشراف، وبترك موسى وقومه بمصر يذهب ملكهم وشرفهم.

السابقالتالي
2 3