الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـۤئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُم بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يِظْلِمُونَ } * { وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } * { وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِّنَ ٱلسَّاجِدِينَ } * { قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } * { قَالَ فَٱهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَٱخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ ٱلصَّاغِرِينَ } * { قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } * { قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ } * { قَالَ فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ }

{ وَٱلْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ } مذهب الجمهور أن في القيامة موازين توزن بها أعمال العباد اتباعاً لظواهر النصوص في ذلك. وذهب مجاهد والضحاك والأعمش وجماعة وهو قول المعتزلة: إلى أن ما ورد من الوزن والموازين إنما هو كناية عن العدل ومحاسبة أهل الموقف بحساب أعمالهم والوزن مبتدأ ويومئذٍ ظرف منصوب بالوزن والتنوين في إذ تنوين العوض من جملة محذوفة تقديره يوم إذْ نسأل ونقص فحذف ذلك وعوّض منه التنوين ولذلك لا يجتمعان، وكذا كل موضع يلحق التنوين فيه لاذْ والحق خبر عن المبتدأ الذي هو الوزن.

{ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ } من أثبت الميزان ذكر أنه ذو كفتين ولسان ولم يثبت مثل هذا نصاً لا في القرآن ولا في السنة والثقل والخفة إنما هما من صفات الأجسام والحسنات والسيئات من صفات الاعراض، فقال: هؤلاء ان الموزون إنما هو الصحف التي كتبت فيها الحسنات والسيئات. وقوله: موازينه أفرد الضمير مراعاة للفظ من ثم جمع في قوله: فأولئك، مراعاة لمعنى من.

ويتعلق بآياتنا بقوله: { يِظْلِمُونَ } لتضمنه معنى يكذبون أو لأنها بمعنى يجحدون.

{ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي ٱلأَرْضِ } تقدم معنى مكناكم في قوله: أول الانعام مكناهم في الأرض. والخطاب راجع للذين خوطبوا اتبعوا ما أنزل إليكم وما بينهما أورد مورد الاعتبار والاتعاظ بذكر ما آل إليه أمرهم في الدنيا وما يؤول إليه في الآخرة.

{ مَعَايِشَ } جمع معيشة. وقرأ خارجة عن نافع: معائش، بالهمز شبهها بصحائف من حيث عدد الحروف والحركات والكون. والمعيشة: ما يعاش به من المطاعم والمشارب وغيرهما مما يتوصل به إلى ذلك. وهي في الأصل مصدر ينزل منزلة الآلات.

وإعراب: { قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } كإِعراب قليلاً ما تذكرون.

{ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ } هو على حذف مضاف تقديره خلقنا أباكم ثم صورنا أباكم ويبقى ثم دالة على موضوعها من المهملة في الزمان. فبدأ بالخلق وهو إخراج من العدم الصرف إلى مادة وهي الترائب. ولقوله تعالى:خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ } [آل عمران: 59]، ثم ثنى بالتصوير وهو تشكيله بالصورة الآدمية.

وتقدم تفسير: { قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ } في البقرة فاغنى عن إعادته.

وقوله: { لَمْ يَكُنْ مِّنَ ٱلسَّاجِدِينَ } جملة لا موضع لها من الإِعراب مؤكدة لمعنى ما أخرجه الاستثناء من نفي سجود إبليس كقوله:أَبَىٰ وَٱسْتَكْبَرَ } [البقرة: 34]، بعد قوله: إلا إبليس، في البقرة.

{ قَالَ مَا مَنَعَكَ } انتقل من ضمير المتكلم المعظم إلى ضمير الغيبة في قال. وما: استفهامية مبتدأة. والجملة بعدها خبره ولا في أن لا تسجد زائدة للتوكيد يدل على زيادتها سقوطها في قوله: أن تسجدوا وإذ معمولة لقوله: منعك. والمعنى أنه وبّخه وقرّعه على امتناعه من السجود، وإن كان تعالى عالماً لما منعه من السجود. وما: استفهامية، تدل على التوبيخ كما قلنا قبل.

السابقالتالي
2