الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُواْ ٱلْعِدَّةَ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِى لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً } * { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُواْ ذَوَىْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً } * { وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ ٱللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً } * { وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَٱللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً } * { ذَلِكَ أَمْرُ ٱللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً } * { أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلاَ تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُوْلاَتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ } * { لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ آتَاهُ ٱللَّهُ لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَآ آتَاهَا سَيَجْعَلُ ٱللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً } * { وَكَأِيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُّكْراً } * { فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً } * { أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ يٰأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَدْ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً } * { رَّسُولاً يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ آيَاتِ ٱللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ ٱللَّهُ لَهُ رِزْقاً } * { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ وَمِنَ ٱلأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ ٱلأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِّتَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً }

{ بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ * يٰأيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ } الآية هذه السورة مدنية قيل وسبب نزولها طلاق عبد الله بن عمر وغير ذلك ومناسبتها لما قبلها أنه لما ذكر الفتنة بالمال والولد أشار إلى الفتنة بالنساء وأنهن يعرضن الرجال للفتنة حتى لا يجد منها مخلصاً إلا بالطلاق ويا أيها النبي نداء للنبي عليه السلام وخطاب على سبيل التكريم والتنبيه إذا طلقتم هو على إضمار القول أي قل لأمتك إذا طلقتم.

وقال الزمخشري: خص النبي صلى الله عليه وسلم بالنداء وعم بالخطاب لأنه إمام أمته وقدوتهم كما يقال لرئيس القوم وكبيرهم يا فلان إفعلوا كيت وكيت إظهار التقدمة واعتبار الترأسة وأنه مدره قومه ولسانهم والذي يصدرون عن رأيه ولا يستبدون بأمر دونه فكان هو وحده في حكمهم كلهم وسادا مسد جميعهم " انتهى ". وهو كلام حسن ومعنى إذا طلقتم إذا أردتم تطليقهن والنساء يعني المدخول بهن.

{ فَطَلِّقُوهُنَّ } أي أوقعوا الطلاق.

{ لِعِدَّتِهِنَّ } هو على حذف مضاف أي لاستقبال عدتهن واللام للتوقيت نحو كتبته لليلة بقيت من شهر كذا وتقدير الزمخشري هنا ماله محذوفة يدل عليها المعنى يتعلق بها المجرور أي مستقبلات لعدتهن ليس بجيد لأنه قدر عاملاً خاصاً ولا يحذف العامل في الظرف والجار والمجرور إذا كان خاصاً بل إذا كان كوناً مطلقاً لو قلت زيد عندك أو في الدار تريد ضاحك عندك أو ضاحك في الدار لم يجز فتعليق الكلام بقوله: { فَطَلِّقُوهُنَّ } ويجعل على حذف مضاف هو الصحيح والظاهر أن الخطاب في وأحصوا العدة للأزواج أي اضبطوها بالحفظ وفي الاحصاء فوائد مراعاة الرجعة وزمان النفقة والسكن وتوزيع الطلاق على الاقراء إذا أراد أن يطلق ثلاثاً والعلم بأنها قد بانت فيتزوج بأختها وبأربع سواها ونهى تعالى عن إخراجهن من مساكنهن حتى تنقضي العدّة ونهاهن أيضاً عن خروجهن وأضاف البيوت إليهن لما كان سكناهن فيها ونهيهن عن الخروج لا يبيحه إذن الزوج إذ لا أثر لأذنه والاسكان على الزوج فإِن كان ملكه أو بكراء فذاك أو ملكها فلها عليه أجرته وسواء في ذلك الرجعية والمبتوتة وسنة ذلك أن لا تبيت عن بيتها ولا يخرج عنه نهاراً إلا لضرورة وذلك لحفظ النسب والاحتفاظ بالنساء.

{ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ } وهي الزنا.

{ لاَ تَدْرِى } أي أيها السامع.

{ لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً } قال المفسرون: الأمر هنا الرغبة في ارتجاعها أو الميل إليها بعد انحرافه عنها أو ظهور حمل فيراجعها من أجله ونصب لا تدري على جملة الترجي فلا تدري معلقة عن العمل.

{ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ } أي أشرفن على انقضاء عدتهن.

{ فَأَمْسِكُوهُنَّ } أي راجعوهن.

{ بِمَعْرُوفٍ } أي بغير ضرار.

السابقالتالي
2 3