الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ لَهُ ٱلْمُلْكُ وَلَهُ ٱلْحَمْدُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } * { خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ } * { يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ فَذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَقَالُوۤاْ أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُواْ وَتَوَلَّواْ وَّٱسْتَغْنَىٰ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } * { زَعَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَن لَّن يُبْعَثُواْ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } * { فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱلنّورِ ٱلَّذِيۤ أَنزَلْنَا وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } * { يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ ٱلْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلتَّغَابُنِ وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَآ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } * { وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ فَإِن تَولَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } * { ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَٱحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُواْ وَتَصْفَحُواْ وَتَغْفِرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَٱللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } * { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ وَٱسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ وَأَنْفِقُواْ خَيْراً لأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { إِن تُقْرِضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ } * { عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }

{ بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ * يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } الآية هذه السورة مدنية في قول الأكثرين ومناسبتها لما قبلها أن ما قبلها مشتمل على حال المنافقين وفي آخرها خطاب المؤمنين فأتبعه بما يناسبه من قوله هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن وهذا تقسيم في الإِيمان والكفر بالنظر إلى الاكتساب عند جماعة من المتأولين.

{ وَصَوَّرَكُمْ } هذ تعديد للنعمة في حسن الخلق لأن أعضاء بني آدم متصرفة بجميع ما يتصرف به أعضاء الحيوان وبزيادات كثيرة فضل بها ثم هو مفضل بحسن الوجه وجمال الجوارح كما قال تعالى:لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِيۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } [التين: 4] ونبه تعالى بعلمه بما في السماوات والأرض ثم بعلمه بما يسر العباد وما يعلنونه ثم بعلمه بما أكنته الصدور على أنه تعالى لا يغيب عن علمه شىء لا من الكليات ولا من الجزئيات.

{ أَلَمْ يَأْتِكُمْ } الخطاب لقريش ذكروا بما حل بالكفار قبلهم عاد وثمود وقوم إبراهيم وغيرهم ممن صرح بذكرهم في سورة (براءة) وغيرها وقد سمعت قريش أخبارهم.

{ فَذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ } أي مكروهه وما يسؤوهم منه.

{ ذَلِكَ } أي الوبال.

{ بِأَنَّهُ } أي بان الشأن والحديث استبعدوا أن يبعث الله تعالى من البشر رسولاً كما استبعدت قريش.

{ فَقَالُوۤاْ } على سبيل الاستغراب.

{ أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا } وذلك أنهم يقولون نحن متساوون في البشرية فأنى يكون لهؤلاء تمييز علينا بحيث يصيرون هداة لنا وارتفع أبشر عند الحوفي وابن عطية على الابتداء والخبر يهدوننا والأحسن أن يكون مرفوعاً على الفاعلية لأن همزة الاستفهام تطلب الفعل. فالمسألة من باب الاشتغال.

{ فَكَفَرُواْ } والعطف بالفاء يدل على تعقب كفرهم مجيء الرسل بالبينات أي لم ينظروا في تلك البينات ولا تأملوها بل عقبوا مجيئها بالكفر.

{ وَّٱسْتَغْنَىٰ ٱللَّهُ } استفعل بمعنى الفعل الجرد وغناه تعالى أزلي فالمعنى أنه ظهر غناه عنهم إذ أهلكهم وليست استفعل هنا للطلب وتقدم تفسير الزعم والذين كفروا أهل مكة بلى إثبات لما بعد حرف النفي.

{ وَذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } أي لا يصرفه عنه صارف.

{ فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } وهو محمد صلى الله عليه وسلم.

{ وَٱلنّورِ ٱلَّذِيۤ أَنزَلْنَا } هو القرآن وانتصب يوم بقوله لتنبؤون أو بخبير بما فيه من معنى الوعيد والجزاء أو بأذكر مضمرة.

{ لِيَوْمِ ٱلْجَمْعِ } يجمع فيه الأولون والآخرون وذلك أن كل واحد يبعث طامعاً في الخلاص ورفع المنزلة.

{ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلتَّغَابُنِ } مستعار من تغابن القوم في التجارة وهو أن يغبن بعضهم بعضاً لأن السعداء نزلوا منازل الأشقياء وفي الحديث " ما من عبد يدخل الجنة إلا أرى مقعده من النار لو أساء ليزداد شكراً وما من عبد يدخل النار إلا أرى مقعده من الجنة لو أحسن ليزداد حسرة وذلك معنى يوم التغابن ".


السابقالتالي
2