الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَٰتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا ٱلآيَٰتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَٰحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا ٱلآيَٰتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً وَمِنَ ٱلنَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّٰتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَٰبِهٍ ٱنْظُرُوۤاْ إِلِىٰ ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذٰلِكُمْ لأَيَٰتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }

{ وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا } نبه تعالى على أعظم فوائد خلقها وهي الهداية للطرق والمسالك والجهات التي تقصد والقبلة، إذ حركات الكواكب في الليل يستدل بها على القبلة كما يستدل بحركة الشمس في النهار عليها. والخطاب عام لكل الناس ولتهتدوا متعلق بجعل مضمرة لأنها بدل من لكم، أي جعل ذلك لاهتدائكم، وجعل معناها خلق، فهي تتعدى إلى واحد. قال ابن عطية: ويمكن أن تكون بمعنى صيّر ويقدر المفعول الثاني من لتهتدوا أي جعل لكم النجوم هداية. " انتهى ". هذا ضعيف لندور حذف أحد مفعولي باب ظن وأخواتها.

{ قَدْ فَصَّلْنَا } أي بينا وقسّمنا وخص من يعلم لأنهم الذين ينتفعون بتفصيلها.

{ مِّن نَّفْسٍ وَٰحِدَةٍ } وهو آدم عليه السلام.

{ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ } أي موضع استقرار وموضع استيداع، أو مصدراً أي فاستقرار واستيداع. وقرىء: فمستقر بكسر القاف اسم فاعل وعلى هذه القراءة يكون ومستودع بفتح الدال إسم مفعول.

{ قَدْ فَصَّلْنَا ٱلآيَٰتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ } لما كان الاهتداء بالنجوم واضحاً ختمه بيعلمون أي من له أدنى إدراك ينتفع بالنظر في النجوم وفائدتها ولما كان الإِنشاء من نفس واحدة والتصريف في أحوال كثيرة يحتاج إلى فكر وتدقيق ختمه بقوله تعالى: { يَفْقَهُونَ } إذ الفقه هو استعمال فطنة ودقة نظر وفكر فناسب ختم كل جملة بما يناسب ما صدر به الكلام.

{ وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً } لما ذكر إنعامه تعالى بخلقنا ذكر انعامه علينا بما يقوم به أودنا ومصالحنا. والسماء هنا: السحاب. والظاهر أن المعنى بنبات كل شىء ما يسمى نباتاً في اللغة وهو ما ينمى من الحبوب والفواكه والبقول والحشائش والشجر، ومعنى كل شىء مما ينبت، وأشار إلى أن السبب واحد والمسببات كثيرة. وقال الطبري: نبات كل شىء جميع ما ينمو من الحيوان والنبات والمعادن وغير ذلك لأن ذلك كله يتغذى وينمو بنزول الماء من السماء.

وفي قوله: { فَأَخْرَجْنَا } التفات من غيبة إلى تكلم بنون العظمة.

{ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ } أي من النبات.

{ خَضِراً } غضّا ناضراً طرياً.

{ نُّخْرِجُ مِنْهُ } جملة في موضع الصفة لخضرا ويجوز أن يكون استئناف اخبار.

{ حَبّاً مُّتَرَاكِباً } أي من الخضر كالقمح والشعير وسائر القطاني، ومن الثمار كالرمان والسنوبر. وغيرهما مما تراكب حبه وركب بعضه بعضاً.

{ مِن طَلْعِهَا } بدل من قوله: ومن النخل، أعيد فيه حرف الجر. والطلع: أول ما يخرج من النخلة في أكمامه، أطلعت النخلة: أخرجت طلعها.

{ قِنْوَانٌ } القنو بكسر القاف وضمها: العِذق بكسر العين، وهو الكباسة وهو عنقود النخلة. وجمعه في القلة أقناء وفي الكثرة قِنوان بكسر القاف في لغة الحجاز وضمها في لغة قيس، وبالياء بدل الواو في لغة ربيعة وتميم بكسر القاف وضمها.

السابقالتالي
2 3