الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَٰدَىٰ كَمَا خَلَقْنَٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَٰكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَآءُ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } * { إِنَّ ٱللَّهَ فَالِقُ ٱلْحَبِّ وَٱلنَّوَىٰ يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ ٱلْمَيِّتِ مِنَ ٱلْحَيِّ ذٰلِكُمُ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } * { فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ وَجَعَلَ ٱلْلَّيْلَ سَكَناً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ حُسْبَاناً ذٰلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ }

{ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَٰدَىٰ } قال النضر بن الحارث: سوف تشفع لي اللات والعزى. فنزلت: وجئتمونا ماض معناه المضارع. والظاهر أنه من كلام الله تعالى والخطاب للكفار فرادى واحداً واحداً من غير الأهل والمال والولد.

{ كَمَا } الكاف للتشبيه تقديره مجيئاً مثل خلقنا إياكم.

وانتصب: { أَوَّلَ مَرَّةٍ } على الظرف، أي أول زمان خلقناكم أي أبرزناكم للوجود.

{ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَٰكُمْ } أي ما تفضلنا به عليكم من الخول والأهل والمال.

{ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ } منصوب بقوله: وتركتم، وكني به عن الدنيا.

{ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ } وقفهم على الخطأ في عبادتهم الأصنام وتعظيمها وكانوا يعتقدون شفاعة الملائكة.

{ أَنَّهُمْ فِيكُمْ } سدت ان مسد مفعولي زعمتم وفيكم متعلق بشركاء والمعنى في استعبادكم لأنهم حين دعوهم آلهة وعبدوها فقد جعلوا لله شركاء فيهم وفي استعبادهم.

{ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ } قرىء: بينكم بالرفع على أنه فاعل بتقطع اتسع فيه، وأسند إليه الفعل فصار اسماً كما استعملوه إسماً في قوله:وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ } [فصلت: 5]. وقرىء: بينكم بالنصب فقيل: الحركة حركة بناء، وبني لإِضافته إلى المبني وهو ضمير الخطاب فيكون فاعلاً بتقطع فتستوي القراءتان ويظهر أن الفاعل ضمير يعود على المصدر المفهوم مما قبله تقديره هو، أي التواصل الذي كان بينكم وبين شفعائكم، ويظهر أيضاً أن يكون من باب الأعمال تقدم تقطع وعطف عليه وضلَّ فتنازعا على ما فاعمل الثاني فما فاعل بضل وأضمر في تقطع الفاعل وهو ضمير ما ومفعولاً تزعمون محذوف اختصاراً لدلالة ما قبله عليه تقديره تزعمونهم شركاء فيكم.

{ إِنَّ ٱللَّهَ فَالِقُ ٱلْحَبِّ وَٱلنَّوَىٰ } الظاهر أن المعنى أنه تعالى فالق الحب شاقه فمخرج منه النبات، والندى فمخرج منه الشجر. والحب والنوى عامان أي كل حبة وكل نواة. وهذه إشارة إلى فعل الله تعالى في أن يشق جميع الحب عن جميع النبات الذي يكون منه، ويشق النوى عن جميع الأشجار الكائنة عنه. ولما كان قد تقدم ذكر البعث نبّه على قدرته تعالى الباهرة في شق النواة مع صلابتها وإخراجه منها نبتاً أخضر ليناً إلى ما بعد ذلك مما فيه القدرة التامة والإِشارة إلى البعث والنشر بعد الموت.

{ يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ } تقدم تفسيره في أوائل آل عمران، وعطف قوله:

{ وَمُخْرِجُ ٱلْمَيِّتِ } على قوله: فالق الحب، اسم فاعل على إسم فاعل ولم يعطفه على يخرج لأن قوله: فالق الحب والنوى، من جنس إخراج الحي من الميت لأن النامي في حكم الحيوان ألا ترى إلى قوله:يُحْيِـي ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } [الحديد: 17]، فوقع قوله: يخرج الحي من الميت، من قوله: فالق الحب والنوى موقع الجملة المبنيّة فلذلك عطف على إسم فاعل لا على الفعل ولما كان هذا مفقوداً في آل عمران وتقدم قبل ذلك جملتان فعليتان وهما:

السابقالتالي
2