الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ ٱلْكِتَٰبَ ٱلَّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَىٰ نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ مَّا لَمْ تَعْلَمُوۤاْ أَنتُمْ وَلاَ ءَابَآؤُكُمْ قُلِ ٱللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ } * { وَهَـٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلْنَٰهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ ٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلأَخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ } * { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنَزلَ ٱللَّهُ وَلَوْ تَرَىۤ إِذِ ٱلظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ ٱلْمَوْتِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ بَاسِطُوۤاْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوۤاْ أَنْفُسَكُمُ ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ }

{ وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } قال ابن عباس: " نزلت في مالك بن الصيف اليهودي إذ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى عليه السلام أتجد فيها أن الله تعالى يبغض الحبر السمين. قال: نعم. قال: فانت الحبر السمين " فغضب ثم قال:

{ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ } وأصل القدر معرفة الكمية. يقال: قدر الشىء إذا أحرزه وسبره. قال ابن عطية: معناه ما عظموا الله حق تعظيمه. وانتصب حق قدره على المصدر وهو في الأصل وصف أي قدره الحق ووصف المصدر إذا أضيف إليه انتصب نصب المصدر. والعامل في إذ قدروا من شىء مفعول بانزل. ومن: زائدة تدل على الاستغراق.

{ قُلْ مَنْ أَنزَلَ ٱلْكِتَٰبَ } الآية، فيها دليل على أن النقض يقدح في صحة الكلام وذلك أنه نقض قولهم: ما أنزل الله، بقوله: قل من أنزل الكتاب، فلو لم يكن النقض دليلاً على فساد الكلام لما كانت حجة الله مفيدة لهذا المطلوب. والكتاب هنا: التوراة. وانتصب نوراً وهدى على الحال والعامل أنزل أو جاء.

{ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ } أي ذا قراطيس أي أوراقاً وبطائق.

{ وَتُخْفُونَ كَثِيراً } كإِخفائهم الآيات الدالة على بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من الأحكام التي أخفوها. وأدرج تعالى تحت الإِلزام توبيخهم وذمهم بسوء حملهم لكتابهم وتحريفهم وإبداء بعض وإخفاء بعض.

{ وَعُلِّمْتُمْ مَّا لَمْ تَعْلَمُوۤاْ } ظاهره أنه خطاب لبني إسرائيل مقصود به الامتنان عليهم وعلى آبائهم بأن علموا من دين الله وهدايته ما لم يكونوا به عالمين.

{ قُلِ ٱللَّهُ } أمره تعالى بالمبادرة إلى الجواب أي قل: الله أنزله فإِنهم لا يدرون أن يناكروك لأن الكتاب الموصوف بالنور والهدى الآتي به من أيد بالمعجزات إنما أنزله الله تعالى.

{ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ } أي في باطلهم الذين يخوضون فيه، ويقال لمن كان في عمل لا يجدي عليه: إنما أنت لاعب. ويلعبون حال من مفعول ذرهم أو من ضمير خوضهم. وفي خوضهم متعلق بذرهم أو بيلعبون أو حالاً من يلعبون.

{ وَهَـٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلْنَٰهُ مُبَارَكٌ } الإِشارة إلى القرآن لما قرر إنكار من أنكر أن يكون الله أنزل على بشر شيئاً أخبر أن هذا الكتاب الذي أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مبارك كثير النفع والفائدة. ولما كان الإِنكار إنما وقع على الإِنزال فقالوا: ما أنزل الله. وقيل: من أنزل الكتاب، كان تقديم وصفه بالإِنزال آكد من وصفه بكونه مباركاً، ولأن ما أنزله الله تعالى فهو مبارك قطعاً فصارت الصفة بكونه مباركاً كأنها صفة مؤكدة إذ تضمنها ما قبلها.

{ وَلِتُنذِرَ } قرىء: بالتاء.

السابقالتالي
2