الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } * { وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { وَإِسْمَاعِيلَ وَٱلْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } * { وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَٱجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { ذٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـٰؤُلاۤءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ ٱقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ }

{ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ } الآية. هذه الجملة معطوفة على قوله: { وَتِلْكَ حُجَّتُنَآ } ، عطف جملة فعلية على إسمية. قال ابن عطية: ووهبنا، عطف على آتيناها. " انتهى ". لا يصح هذا لأن آتيناها لها موضع من الإِعراب، إما خبر، وإما حال، ولا يصح في ووهبنا شىء منهما وذكر ما منّ عليه به من هبته له هذا النبي الذي تفرعت منه أنبياء بني إسرائيل.

{ كُلاًّ هَدَيْنَا } أي كل واحد من إسحاق ويعقوب هدينا وفي قوله: من قبل تنبيهاً على قدمه، وفي ذكره لطيفة وهو أن نوحاً عليه السلام عبدت الأصنام في زمانه وقومه أول قوم عبدوا الأصنام ووحّد هو الله تعالى، وكذلك إبراهيم عبدت الأصنام في زمانه ووحد هو الله تعالى ودعا برفضها.

{ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ } الضمير عائد على نوح لأنه أقرب مذكور ولأن في المذكورين لوطاً، وليس هو من ذرية إبراهيم لأنه ابن أخيه فهو من ذرية نوح عليه السلام.

{ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ } وقدم داود لتقدمه في الزمان، ولكونه صاحب كتاب، ولكونه أصلاً لسليمان وهو فرعه.

{ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ } قرنهما لاشتراكهما في الامتحان أيوب بالبلاء في جسده ونبذ قومه له، ويوسف بالسجن وتغريبه عن أهله، وفي مآلهما إلا السلامة والعافية. وقدم أيوب لأنه أعظم في الامتحان.

{ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ } قرنهما لاشتراكهما في الاخوة. وقدم موسى عليه السلام لأنه كليم الله وصاحب كتاب وهو التوراة والمعجزات التي ذكرها الله تعالى في كتابه.

{ وَكَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } أي مثل ذلك الجزاء من إيتاء الحجة وهبة الأولاد الخيّرين نجزي من كان محسناً في عبادتنا مراقباً في أعماله لنا.

{ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ } قرن بينهم لاشتراكهم في الزهد الشديد والإِعراض عن الدنيا. وبدأ بزكريا ويحيى لسبقهما عيسى في الزمان، وقدم بزكريا لأنه والد يحيى فهو أصل ويحيى فرع. وقدم عيسى لأنه صاحب كتاب ودائرة متسعة. وتقدم ذكر أنساب هؤلاء الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم إلا الياس، وهو الياس بن بشير بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران، وقيل: الياس هو الخضر عليه السلام. وفي ذكر عيسى عليه السلام هنا دليل على أن ابن البنت داخل في الذرية وبهذه الآية استدل على دخوله في الوقف على الذرية، وسواء أكان الضمير في ومن ذريته عائداً على نوح أو على إبراهيم فنقول الحسن والحسين ابنا فاطمة رضي الله عنهم هما من ذرية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبهذه الآية استدل أبو جعفر الباقر ويحيى بن يعمر على ذلك، وكان الحجاج بن يوسف طلب منهما الدليل على ذلك إذ كان هو ينكر ذلك فسكت في قصتين جرتا لهما معه.

{ كُلٌّ مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } لا يختص كل بهؤلاء الأربعة بل يعم جميع من سبق ذكره.

السابقالتالي
2