الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ ٱلْحَقُّ وَلَهُ ٱلْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْخَبِيرُ } * { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّيۤ أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { وَكَذَلِكَ نُرِيۤ إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ ٱلْمُوقِنِينَ } * { فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ ٱلْلَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لاۤ أُحِبُّ ٱلآفِلِينَ } * { فَلَمَّآ رَأَى ٱلْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلضَّالِّينَ } * { فَلَماَّ رَأَى ٱلشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي هَـٰذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّآ أَفَلَتْ قَالَ يٰقَوْمِ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ }

{ وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ } الآية، لما ذكر أنه تعالى إلى جزائه يحشر العالم وهو منتهى ما يؤول إليه أمرهم ذكر مبتدأ وجود العالم واختراعه له بالحق أي بما هو حق لا عبث فيه ولا هو باطل أي لم يخلقهما باطلاً ولا عبثاً، بل صدراً عن حكمة وصواب وليستدل بهما على وجود الصانع أن هذه المخلوقات العظيمة الظاهر عليها سمات الحدوث لا بد لها من صانع واحد عالم قادر مريد جلّ وتعالى.

{ وَيَوْمَ يَقُولُ } خبر المبتدأ وهو قوله: والحق، صفة والتقدير قوله: الحق كائن يوم يقول، كما تقول: اليوم القتال.

و { كُن } معمول ليقول.

و { فَيَكُونُ } خبر مبتدأ محذوف تقديره فهو يكون وهذا تمثيل لإِخراج الشيء من العدم إلى الوجود وسرعته إلا أن ثمّ شيئاً يؤمر.

{ وَلَهُ ٱلْمُلْكُ } الملك مبتدأ وخبره المجرور قبله. ويوم: منصوب بما تعلق به الجار والمجرور، أي الملك كائن له.

{ يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ } كقوله تعالى:لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ } [غافر: 16].

{ عَٰلِمُ } خبر مبتدأ محذوف تقديره وهو عالم.

{ وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْخَبِيرُ } لما ذكر خلق الخلق وسرعة إيجاده لما يشاء وتضمن البعث إفناءهم قبل ذلك ناسب ذكر الوصف بالحكيم، ولما ذكر أنه عالم الغيب والشهادة ناسب ذكر الوصف بالخبير، إذ هي صفة تدل على علم ما لطف إدراكه من الأشياء.

{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ } الآية، لما ذكر بقوله:قُلْ أَنَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا } [الأنعام: 71]، ناسب ذكر هذه الآية هنا وكان التذكار بقصة إبراهيم عليه السلام مع أبيه وقومه أنسب لرجوع العرب إليه إذ هو جدهم الأعلى، فذكروا بأن إنكار هذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم عليكم عبادة الأصنام هو مثل إنكار جدّكم إبراهيم على أبيه وقومه عبادتها. وفي ذلك التنبيه على اقتفاء من سلف من صالحي الآباء والأجداد وهم وسائر الطوائف يعظمون إبراهيم عليه السلام. والظاهر أن آزر اسم أبيه. قال ابن عباس وغيره: وفي كتب التواريخ أن اسمه بالسريانية تارخ، فعلى هذا يكون له اسمان كيعقوب وإسرائيل. وهو عطف بيان أو بدل وامتنع من الصرف للعلمية والعجمة، وقرىء: آزر بالضم على النداء أي يا آزر.

{ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً } معمول لقال وهو استفهام معناه الإِنكار والتوبيخ.

{ أَصْنَاماً آلِهَةً } مفعولان لتتخذ وبدأ بقوله: أصناماً، تقبيحاً وتبعيداً لأن يتخذ ما كان من حجر أو خشب معبودات آلهة لما أنكر على أبيه أخبر أنه وقومه في ضلال وجعلهم مظروفين للضلال أبلغ من وصفهم بالضلال كان الضلال صار ظرفاً لهم.

و { مُّبِينٍ } ظاهر.

{ وَكَذَلِكَ نُرِيۤ إِبْرَاهِيمَ } الآية. هذه جملة اعتراض بين قوله تعالى: { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ } ، من منكراً على أبيه عبادة الأصنام، وبين جملة الاستدلال عليهم بإِفراد المعبود الحق، وكونه لا يشبه المخلوقين وهي قوله: { فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ ٱلْلَّيْلُ } ، والكاف في كذلك للتشبيه وذلك إشارة إلى الرؤية المفهومة من قوله: أني أراك أي مثل تلك الرؤية نرى.

السابقالتالي
2 3