الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ هُوَ ٱلْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ٱنْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ } * { وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ ٱلْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } * { لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } * { وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِيۤ ءَايَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيْطَٰنُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ ٱلذِّكْرَىٰ مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ } * { وَمَا عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَلَـٰكِن ذِكْرَىٰ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }

{ قُلْ هُوَ ٱلْقَادِرُ } الآية، لما نزلت استعاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال في الثالثة: هذه أهون أو أيسر. والظاهر أن الخطاب لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، والآية متضمنة للوعيد.

{ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ } كما فعل بقوم لوط وكما فعل بأصحاب الفيل أرسل عليهما حجارة من سجيل.

{ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ } كما فعل بقارون وبداره. قال تعالى:فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ } [القصص: 81]. ويذيق بعضكم كما جرى في حرب صفين بين علي رضي الله عنه ومعاوية، وكما جرى بين علي والخوارج، وكل هؤلاء مسلمون مؤمنون.

{ أَوْ يَلْبِسَكُمْ } أي يخلطكم.

{ شِيَعاً } جمع شيعة. وانتصب على الحال أي يخلطكم متشايعين فرقاً مختلفة. والبأس: الشدة.

{ ٱنْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ } هذه استرجاع لهم ولفظة تعجب له عليه السلام. والمعنى أنا نسلك في مجيء الآيات أنواعاً رجاء أن يفقهوا ويفهموا عن الله لأن في اختلاف الآيات ما يقتضي الفهم إن عزبت آية كم تعزب أخرى.

{ وَكَذَّبَ بِهِ } الضمير عائد على القرآن. ويدل عليه ذكر الآيات قبله.

{ وَهُوَ ٱلْحَقُّ } جملة استئناف أخبر بأن القرآن هو الحق، ويجوز أن يكون حالاً من الضمير في به وهو أشنع عليهم في التكذيب بشىء هو الحق.

{ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } أي لست بقائم عليكم لأكرهكم على التوحيد.

{ لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ } أي لكل شىء ينبأ به وقت استقرار وحصول لا بد منه.

{ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } مبالغة في التهديد والوعيد.

{ وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ } الآية، هذا خطاب له صلى الله عليه وسلم ويدخل فيه المؤمنون لأن علة النهي وهو سماع الخوض في آيات الله يشمله وإياهم. ورأيت هنا بصرية ولذلك تعدت إلى واحد ولا بد من تقدير حال محذوفة، أي وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا وهو خائضون فيها والخوض أصله في الماء شبه تنقلهم في آيات الله بالخوض في الماء وتنقلهم قولهم في الآيات: هذا سحر هذا افتراء هذه أساطير الأولين.

{ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } أمر له عليه السلام بالإِعراض عنهم وهو تركهم بالنية والجلوس معهم ببيّنة قوله تعالى:وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ } [النساء: 140]، الآية،فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ } [النساء: 140].

{ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيْطَٰنُ } أي يشغلك عن النهي عن مجالستهم.

{ فَلاَ تَقْعُدْ } معهم.

{ بَعْدَ ٱلذِّكْرَىٰ } أي ذكرك النهي. وما أحسن مجيء الشرط الأول بإِذا التي هي للتحقق لأن كونهم يخوضون في الآيات محقق، ومجيء الشرط الثاني بأن لأن أن لغير المحقق، وجاء مع القوم الظالمين تنبيهاً على علة الخوض في الآيات والطعن فيها، وأن سبب ذلك ظلمهم وهو مجاوزة الحد. وما زائدة بعد أن الشرطية والفعل قد لحقته النون الشديدة وكثر ذلك في القرآن. قال تعالى:فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ } [الزخرف: 41]وَإِماَّ يَنزَغَنَّكَ }

السابقالتالي
2