الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ قُلْ لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَآءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ } * { قُلْ إِنِّي عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ يَقُصُّ ٱلْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ ٱلْفَٰصِلِينَ } * { قُل لَّوْ أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ ٱلأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِٱلظَّالِمِينَ } * { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ ٱلْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَٰتِ ٱلأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَٰبٍ مُّبِينٍ }

{ قُلْ إِنِّي نُهِيتُ } الآية، أمره تعالى أن يجاهرهم بالتبريء من عبادتهم غير الله تعالى ولما ذكر تفصيل الآيات ليستبين سبيل المبطل من المحق نهاه عن سلوك سبيلهم. ومعنى نهيت: زجرت. والذين تدعون هم الأصنام، عبر عنها بالذين على زعم الكفار حين أنزلوها منزلة من يعقل وتدعون. قال ابن عباس: معناه تعبدون. وقيل: تسمونهم آلهة من دعوت ولدي زيداً سميته. وقيل: تدعون في أموركم وحوائجكم. وفي قوله: تدعون من دون الله، استجهال لهم ووصف بالاقتحام فيما كانوا منه على غير بصيرة. ولفظة نهيت، أبلغ من النفي بلا أعبد إذ فيه ورود تكليف.

{ قُلْ لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَآءَكُمْ } الآية ولما كانت أصنامهم مختلفة كان لكل عابد صنم هوى يخصه فلذلك جمع.

و { إِذاً } معناها الجزاء أي قد ظللت ان اتبعت أهواءكم.

{ وَمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ } جملة مؤكدة لما قبلها وأتى بالأولى بقوله: ضللت. والفعل يدل على التجدد. وفي الثانية باسم الفاعل وهو المهتدين ويدل على الثبوت فنفى تجدد الضلال وثبوت الهداية.

{ قُلْ إِنِّي عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي } أي على شريعة واضحة. والبينة: هي المعجزة التي تبين صدقي، وكذبتم به اخبار منه عنهم أنهم كذبوا به. والظاهر عود الضمير على ربي أي وكذبتم بربي.

{ مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ } الذي استعجلوا به هو العذاب، والاستعجال لم يأت في القرآن إلا للعذاب.

{ إِنِ ٱلْحُكْمُ } الآية، أي الحكم على الإِطلاق، وهو الفصل بين الخصمين المختلفين بإِيجاب الثواب والعقاب. وقرىء: يقضي من القضاء، والحق نعت لمصدر محذوف أي يقضي القضاء الحق. وقيل: الحق مفعول بيقضي، ومعنى يقضي يصنع قال الشاعر:
وعليهما مسرودتان قضاهما داود   
أي صنعهما. وقرىء: يقصّ الحق من قص الحديث، كقوله:نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ } [يوسف: 3]، أو من قص الأثر أي اتبعه.

{ قُل لَّوْ أَنَّ عِندِي } الآية أي لو كان في قدرتي الوصول إلى ما تستعجلون به من حلول العذاب لبادرت إليه ووقع الانفصال.

{ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِٱلظَّالِمِينَ } الظاهر أن المعنى والله أعلم بكم فوضع الظاهر المشعر بوصفهم بالظلم موضع المضمر. ومعنى أعلم بهم، أي بمجازاتهم ففيه وعيد وتهديد.

{ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ ٱلْغَيْبِ } الآية، لما قال تعالى: ان الحكم إلا بالله، وقال: وهو أعلم بالظالمين، بعد قوله: ما تستعجلون به، انتقل من خاص إلى عام، وهو علمه تعالى بجميع الأمور الغيبية واستعار للقدرة عليها المفاتح لما كانت سبباً للوصول إلى الشىء فاندرج في هذا العام ما استعجلوا وقوعه وغيره. والمفاتيح جمع مفتاح بكسر الميم وهي الآلة التي يفتح بها ما أغلق. قال الزهراوي: ومفتح أفصح من مفتاح. وروى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " مفاتح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله إن الله عنده علم الساعة "

السابقالتالي
2