الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ أَرَءَيْتَكُمْ إِنْ أَتَـٰكُمْ عَذَابُ ٱللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ ٱلسَّاعَةُ أَغَيْرَ ٱللَّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } * { بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَآءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَٰهُمْ بِٱلْبَأْسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ } * { فَلَوْلاۤ إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ مَا كَانُواّ يَعْمَلُونَ } * { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوۤاْ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ } * { فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

{ قُلْ أَرَءَيْتَكُمْ } الآية قال الفراء: للعرب في أرأيت لغتان ومعنيان، إحداهما: أن تسأل الرجل: أرأيت زيداً، أي بعينك فهذه مهموزة. وثانيهما، أن تقول: أرأيت، وأنت تريد أخبرني فهاهنا تترك الهمزة إن شئت، وهو أكثر كلام العرب يومىء إلى ترك الهمزة للفرق بين المعنين. " انتهى ". وإذا كانت بمعنى أخبرني جاز أن تختلفا لتاء مفتوحة كحالها للواحد المذكر. ومذهب البصريين أن التاء هي الفاعل وما لحقها حرف خطاب يدل على اختلاف المخاطب. ومذهب الكسائي أن الفاعل هو التاء وأن أداة الخطاب اللاحقة في موضع المفعول الأول. ومذهب الفراء ان التاء هي حرف خطاب كهي في أنت وان أداة الخطاب بعده هي في موضع الفاعل استعيرت ضمائر النصب للرفع والكلام على هذه المذاهب إبطالاً وتصحيحاً مذكور في النحو وكون أرأيت وأرأيتك بمعنى أخبرني نص عليه سيبويه وغيره من أئمة العربية، وكون أرأيت بمعنى أخبرني هو تفسير معنى لا تفسير إعراب لأن أخبرني تتعدى بعن فنقول: أخبرني عن زيد وأرأيت تتعدى لمفعول به صريح وإلى جملة استفهامية هي في موضع المفعول الثاني كقولك: أرأيت زيداً ما صنع فما بمعنى أي شىء وهو مبتدأ وضع في موضع الخبر وأما في هذه الآية فنقول: هو من باب الأعمال فارأيتكم يطلب مرفوعاً وهو قوله: عذاب الله فلما اجتمع العاملان أرأيتكم وفعل الشرط الذي هو أتاكم أعمل الثاني وهو أتاكم على اختيار مذهب البصريين أن الثاني هو أولى بالأعمال ولو كان على أعمال أرأيتكم لكان التركيب بنصب عذاب والساعة فكان يكون في غير القرآن أرأيتكم ان أتاكم عذاب الدنيا أو الساعة لكنه لما أعمل الثاني حذف مفعول أرأيتكم الأول، والثاني هو جملة الاستفهام وهو قوله: أغير الله ورابط هذه الجملة الاستفهامية بالمفعول المحذوف في أرأيتكم مقدر تقديره أغير الله تدعون لكشفه وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه تقديره ان أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة فأخبروني. وأتاكم عذاب الله، أي أتاكم خوفه وإماراته وأوائله مثل الجدب والبأساء والأمراض التي يخاف منها الهلاك، ولا يحتاج إلى تأويل العذاب بمقدماته بل إذا حل بالإِنسان العذاب واستمر عليه لا يدعو إلا الله تعالى. وقوله: أغير الله، تقديره إلهاً غير الله تدعون وهو استفهام توبيخ وتقرير.

{ تَدْعُونَ } أي لكشف ما حل بكم وإياه مفعول مقدم انتقل من استفهام التوبيخ إلى حصر من يدعونه بقوله: بل إياه، أي بل الله تدعون. وما من قوله: ما تدعون، إلا ظهر انها موصولة. قال ابن عطية: ويصح أن تكون ظرفية. " انتهى ". فيكون مفعول يكشف محذوفاً أي فيكشف العذاب مدة دعائكم أي ما دمتم داعية وهذا فيه حذف المفعول وخروج عن الظاهر لغير حاجة ويضعّفه وصل ما الظرفية بالمضارع وهو قليل جداً إنما بابها أن توصل بالماضي، تقول: لا أكلمك ما طلعت الشمس.

السابقالتالي
2 3