الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ قَتَلُوۤاْ أَوْلَٰدَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ ٱللَّهُ ٱفْتِرَآءً عَلَى ٱللَّهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَ جَنَّٰتٍ مَّعْرُوشَٰتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَٰتٍ وَٱلنَّخْلَ وَٱلزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُتَشَٰبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَٰبِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ } * { وَمِنَ ٱلأَنْعَٰمِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيْطَٰنِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } * { ثَمَٰنِيَةَ أَزْوَٰجٍ مَّنَ ٱلضَّأْنِ ٱثْنَيْنِ وَمِنَ ٱلْمَعْزِ ٱثْنَيْنِ قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلأُنثَيَيْنِ أَمَّا ٱشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ ٱلأُنثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ }

{ قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ قَتَلُوۤاْ أَوْلَٰدَهُمْ } الآية، كان جمهور العرب لا يئدون بناتهم وكان بعض ربيعة مضر يئدونهن وهو دفنهن أحياء فبعضهم يئد خوف العيلة والاقتار، وبعضهم خوف السَبْي. فنزلت هذه الآية في ذلك إخباراً بخسران فاعل ذلك. ولما تقدم تزيين قتل الأولاد وتحريم ما حرموه في قولهم: هذه أنعام وحرث. حجر جاء هنا تقديم قتل الأولاد وتلاه التحريم.

وفي قوله: { سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ } إشارة إلى خفة عقولهم وجهلهم بأن الله تعالى هو الرزاق والمقدر السبي وغيره.

{ وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَ جَنَّٰتٍ } الآية، مناسبتها لما قبلها أنه تعالى لما أخبر عنهم أنهم حرموا أشياء مما رزقهم الله أخذ يذكر تعالى ما امتن به عليهم من الرزق الذي تصرفوا فيه بغير إذنه تعالى إفتراء منهم واختلاقاً فذكر نوعي الرزق النباتي والحيواني، فبدأ بالنباتي كما بدأ به في الآية المشبهة لهذه واستطرد منه إلى الحيواني إذ كانوا قد حرموا أشياء من النوعين.

{ مَّعْرُوشَٰتٍ } ويقال: عرشت الكرم إذا جعلت له دعائم وسمكاً تنعطف عليه القضبان.

{ وَٱلنَّخْلَ } قدمه على الزرع لأن العرب كانت أحوج إليه إذ كانت غالب قوتهم واختلاف أكله وهو المأكول، هو بأن لكل نوع من أنواع النخل والزرع طعماً ولوناً وحجماً ورائحة تخالف به النوع الآخر. والمعنى مختلفاً أكل ثمره وانتصب مختلفاً على أنه حال مقدرة، لأنه لم يكن وقت الإِنشاء مختلفاً. قال الزمخشري: والضمير في أكله عائد على النخل والزرع، وأفرد لدخوله في حكمه بالعطفية. " انتهى ". ليس بجيد لأن العطف بالواو لا يجوز إفراد ضمير المتعاطفين. وقال الحوفي: والهاء في أكله عائدة على ما تقدم من ذكره هذه الأشياء والمنشآت. " انتهى ". وعلى هذا لا يكون ذو الحال النخل والزرع فقط بل جميع ما أنشأ لاشتراكها كلها من اختلاف المأكول ولو كان كما زعم لكان التركيب مختلفاً أكلها، إلا أن أخذ على حذف مضاف، أي ثمر جنات وروعي هذا المحذوف فقيل: أكله بالإِفراد على مراعاته فيكن ذلك نحو قوله:أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ } [النور: 40] أي أو كذي ظلمات. والظاهر عوده على أقرب مذكور وهو الزرع فيكون قد حذفت حال النخل لدلالة هذه الحال عليها التقدير النخل مختلفاً أكله والزرع مختلفاً أكله كما في زيد وعمرو قائم. وتقدم الكلام على قوله: والزيتون والرمان كلوا من ثمره إذا أثمر لما كان مجيء تلك الآية في معرض الاستدلال بها على الصانع وقدرته والحشر وإعادة الأرواح إلى الأجساد بعد العدم وإبراز الجسد وتكوينه من العظم الرميم وهو عجب الذنب. قال: انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إشارة إلى الإِيجاد أولاً، وإلى غايته وهنا لما كان معرض الغاية الامتنان، وإظهار الإِحسان بما خلق لنا.

السابقالتالي
2