الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكَينَ } * { قُلْ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْمُبِينُ } * { وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ } * { وَهُوَ ٱلْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْخَبِيرُ }

{ وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } لما ذكر تعالى أن له ملك ما حوى المكان من السماوات والأرض ذكر ما حواه الزمان من الليل والنهار وإن كان كل واحد من المكان والزمان يستلزم الآخر لكن النص عليهما أبلغ في الملكية وقدم المكان لأنه أقرب إلى العقول والأفكار من الزمان. والظاهر أنه استئناف أخبار وليس مندرجاً تحت قوله: قل، والظاهر أن السكون ضد الحركة واقتصر عليه لأنه ما من متحرك إلا سكن ولا ينعكس. وقيل: هو على تقدير معطوف حذف تقديره وما تحرك.

{ قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً } الآية، لما تقدم أنه تعالى اخترع السماوات والأرض وأنه مالك لما تضمنه المكان والزمان أمر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم ذلك على سبيل التوبيخ لهم أي من هذه صفاته هو الذي يتخذ ولياً وناصراً ومعيناً لا إله إلا لا الآلهة التي لكم إذ هي لا تنفع ولا تضر لأنها بين جماد أو حيوان مقهور. ودخلت همزة الاستفهام على الاسم دون الفعل لأن الإِنكار في اتخاذ غير الله ولياً لا في اتخاذ الولي كقولك لمن ضرب زيداً وهو ممن لا يستحق الضرب بل يستحق الإِكرام أزيداً ضربت؟ تنكر عليه أن يكون مثل هذا يضرب ونحوه قوله تعالى:أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَأْمُرُونِّيۤ أَعْبُدُ } [الزمر: 64] والله إذن لكم. وقرأ الجمهور فاطر بالجر، فوجهه ابن عطية والزمخشري وقبلهما الحوفي على أنه نعت لله. وخرجه أبو البقاء على أنه بدل وكأنه رأى أن الفصل بين المبدل منه والبدل أسهل من الفصل بين المنعوت والنعت إذ البدل على المشهور هو على نية تكرار العامل. وقرأ ابن أبي عبلة برفع الراء على إضمار هو. قال ابن عطية: أو على الابتداء. " انتهى ". ويحتاج إلى إضمار خبر ولا دليل على حذفه. وقرىء: بالنصب على المدح أي أمدح فاطر السماوات، يقال: فطر أي خلق واخترع من غير مثال.

{ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ } أي يرزق ولا يرزق كقوله:مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ } [الذاريات: 57]، الآية، والمعنى أن المنافع كلها من عند الله وخص الإِطعام من أنواع الإِنتفاعات لمس الحاجة إليه، كما خص الربا بالأكل وإن كان المقصود الإِنتفاع بالربا.

{ قُلْ إِنِّيۤ أُمِرْتُ } قال الزمخشري: لأن النبي صلى الله عليه وسلم سابق أمته في الإِسلام كقوله:وَبِذٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ } [الأنعام: 163]، وكقول موسى عليه السلام:سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [الأعراف: 143]. وقال ابن عطية: المعنى أول من أسلم من هذه الأمة وبهذه الشريعة، وفي هذا القول نظر لأنه عليه السلام لم يصدر منه امتناع عن الحق وعدم انقياد إليه وإنما هذا على طريق التحريض على الإِسلام كما يأمر الملك رعيته بأمر ثم يُتبعُه بقوله: أنا أول من يفعل ذلك ليحملهم على فعله.

السابقالتالي
2